وقد روي على هذا المعنى [خبر](١) ؛ روي أن رجلا دعا في صلاته فقال : يا الله ، ويا رحمن ، ويا رحيم ، فقال رجل من المشركين : أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون إلها واحدا ، فما بال هذا يدعو ربين [اثنين؟! فأنزل الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ويحتمل قوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) أي : له الأسماء الحسنى لا الأصنام التي تعبدونها](٢) نحو ما سموها آلهة وأربابا ، فقال : هذه الأسماء التي تدعون بها الأصنام لله فادعوه بها ، ولا تدعوا بها الأصنام.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ).
[يحتمل أي : لا تكافئهم بصنيعهم ولا تجازهم بأذاهم إياك ؛ فإن الله هو المكافئ لهم والمجازي بصنيعهم ؛ ألا ترى أنه قال في آخره : (سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
وقوله : (يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ)](٣).
قيل : الإلحاد هو الجور والميل عن الحق (٤) ، والوضع في غير موضعه ، وهم سموا ملحدين لما سموا غيره بأسمائه ، أو لإشراك غيره في أسمائه.
أو سموا بذلك لما صرفوا شكر نعمه إلى غيره ، وعبدوا دونه ، مع علمهم أنه لم يكن منهم إليهم شيء من ذلك ، إنما كان ذلك لهم من الله.
قال ابن عباس (٥) : الإلحاد : الميل ، في جميع القرآن.
وقيل (٦) : الإلحاد : التكذيب.
قال القتبي : (يُلْحِدُونَ) أي : يجورون عن الحق ويعدلون.
وأصله : الجور والميل (٧).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) ذكره بمعناه ابن جرير (٦ / ١٣٢) ، وكذا الرازي في تفسيره (١٥ / ٥٩).
(٥) ذكره الخازن في تفسيره (٢ / ٦٢٢) ولم ينسبه لأحد.
(٦) أخرجه ابن جرير (٦ / ١٣٢) (١٥٤٦٦) عن ابن عباس.
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٢٧١) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، ولعبد بن حميد وأبي الشيخ عن قتادة.
(٧) الإلحاد واللحد : الميل ، يقال : ألحد فلان عن كذا ، ولحد : مال. وقرئ قوله تعالى : يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا [فصلت : ٤٠] بالوجهين ، وأصله من اللحد ، وهو الحفرة المائلة عن الوسط. وقد لحد القبر : حفره كذلك ، وألحده : جعل له لحدا ، ولحدت الميت وألحدته : جعلته في اللحد ، ويقال لذلك الموضع : ملحد ـ بفتح الميم ـ من «لحده» ، وملحد ـ بضمها ـ من «ألحد».
وألحد : جار عن الحق. وقال الأحمر : لحدت : جرت وملت ، وألحدت : جادلت وماريت.
وقوله : (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ)[النحل : ١٠٣] أي : يميلون إليه أعجمي ، وكانوا ـ