عن الحسن عن جابر. وقال الإمام أحمد في المسند : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا هشام حدثنا قتادة عن مطرف عن عياض بن حماد ؛ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطب يوما فقال في خطبته حاكيا عن الله سبحانه : «وإنّي خلقت عبادي حنفاء كلّهم ، وإنّهم أتتهم الشّياطين فأضلّتهم عن دينهم وحرّمت عليهم ما أحللت لهم» الحديث.
(فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨) وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠) ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٤٥) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦))
لما بين سبحانه كيفية التعظيم لأمر الله أشار إلى ما ينبغي من مواساة القرابة ، وأهل الحاجات ممن بسط الله له في رزقه فقال : (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأمته أسوته ، أو لكل مكلف له مال ؛ وسع الله به عليه ، وقدم الإحسان إلى القرابة ؛ لأن خير الصدقة ما كان على قريب ، فهو صدقة مضاعفة ، وصلة رحم مرغب فيها ، والمراد : الإحسان إليهم بالصدقة ، والصلة ، والبر (وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) أي : وآت المسكين ، وابن السبيل حقهما الذي يستحقانه. ووجه تخصيص الأصناف الثلاثة بالذكر أنهم أولى من سائر الأصناف بالإحسان ، ولكون ذلك واجبا على كلّ من له مال فاضل عن كفايته ، وكفاية من يعول.
وقد اختلف في هذه الآية ؛ هل هي محكمة أو منسوخة؟ فقيل : هي منسوخة بآية المواريث. وقيل : محكمة ؛ وللقريب في مال قريبه الغنيّ حقّ واجب ، وبه قال مجاهد وقتادة. قال مجاهد : لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاج. قال مقاتل : حق المسكين : أن يتصدّق عليه ، وحق ابن السبيل : الضيافة. وقيل : المراد بالقربى : قرابة النبيّ صلىاللهعليهوسلم. قال القرطبي : والأوّل أصح ، فإن حقهم مبين في كتاب الله عزوجل في قوله : (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) (١) وقال الحسن : إن الأمر في إيتاء ذي القربى للندب (ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) أي : ذلك الإيتاء أفضل من الإمساك لمن يريد التقرّب إلى الله سبحانه (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي : الفائزون بمطلوبهم حيث أنفقوا لوجه الله امتثالا لأمره (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً) قرأ
__________________
(١). الأنفال : ٤١.