في الجنة ، وقيل : غير ذلك ، والوجه ما ذكرناه (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) كذّبوا ب (لِقاءِ الْآخِرَةِ) أي : البعث ، والجنة ، والنار ، والإشارة بقوله : (فَأُولئِكَ) إلى المتصفين بهذه الصفات ، وهو : مبتدأ ، وخبره : (فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) أي : مقيمون فيه ، وقيل : مجموعون ، وقيل : نازلون ، وقيل : معذبون ، والمعاني متقاربة ، والمراد : دوام عذابهم. ثم لما بين عاقبة طائفة المؤمنين ، وطائفة الكافرين ، أرشد المؤمنين إلى ما فيه الأجر الوافر ، والخير العام فقال : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، أي : فإذا علمتم ذلك ؛ فسبحوا الله ، أي : نزهوه عما لا يليق به في وقت الصباح ، والمساء ، وفي العشي ، وفي وقت الظهيرة. وقيل : المراد بالتسبيح هنا الصلوات الخمس ، فقوله «حين تمسون» صلاة المغرب والعشاء ، وقوله : «وحين تصبحون» صلاة الفجر ، وقوله : «وعشيا» صلاة العصر ، وقوله : «وحين تظهرون» صلاة الظهر ، كذا قال الضحاك ، وسعيد بن جبير ، وغيرهما ، قال الواحدي قال المفسرون : إن معنى «فسبحان الله» فصلوا لله. قال النحاس : أهل التفسير على أن هذه الآية في الصلوات قال : وسمعت محمّد بن يزيد يقول : حقيقته عندي : فسبحوا الله في الصلوات ، لأن التسبيح يكون في الصلاة ، وجملة (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) معترضة مسوقة للإرشاد إلى الحمد ، والإيذان بمشروعية الجمع بينه وبين التسبيح ، كما في قوله سبحانه : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) (١) وقوله : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) (٢) وقيل : معنى وله الحمد : أي الاختصاص له بالصلاة التي يقرأ فيها الحمد ، وقرأ عكرمة «حينا تمسون وحينا تصبحون» والمعنى : حينا تمسون فيه ، وحينا تصبحون فيه ، والعشيّ : من صلاة المغرب إلى العتمة. قال الجوهري ، وقال قوم : هو من زوال الشمس إلى طلوع الفجر ، ومنه قول الشاعر :
غدونا غدوة سحرا بليل |
|
عشيّا بعد ما انتصف النّهار |
وقوله : (عَشِيًّا) معطوف على حين ، وفي السماوات متعلق بنفس الحمد ؛ أي : الحمد به يكون في السماوات والأرض (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) كالإنسان من النطفة ، والطير من البيضة (وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) كالنطفة ، والبيضة من الحيوان. وقد سبق بيان هذا في سورة آل عمران. قيل : ووجه تعلق هذه الآية بالتي قبلها ؛ أن الإنسان عند الصباح يخرج من شبه الموت ، وهو النوم إلى شبه الوجود ، وهو اليقظة ، وعند العشاء يخرج من اليقظة إلى النوم (وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) أي يحييها بالنبات بعد موتها باليباس ، وهو شبيه بإخراج الحيّ من الميت (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) أي : ومثل ذلك الإخراج تخرجون من قبوركم. قرأ الجمهور «تخرجون» على البناء للمفعول. وقرأ حمزة والكسائي على البناء للفاعل ، فأسند الخروج إليهم كقوله : (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) (٣) (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) أي : من آياته الباهرة الدالة على البعث أن خلقكم ، أي : خلق أباكم آدم من تراب ، وخلقكم في ضمن خلقه ، لأن الفرع مستمد من
__________________
(١). الحجر : ٩٨.
(٢). البقرة : ٣٠.
(٣). المعارج : ٤٣.