وقيل : هو مأخوذ من النأي ، وهو البعد وهو بعيد. وقرأ بديل بن ميسرة «لينوء» بالياء ، أي : لينوء الواحد منها أو المذكور ، فحمل على المعنى ، والمراد بالعصبة : الجماعة التي يتعصب بعضها لبعض. قيل : هي من الثلاثة إلى العشرة ، وقيل : من العشرة إلى الخمسة عشرة ، وقيل : ما بين العشرة إلى العشرين ، وقيل : من الخمسة إلى العشرة ، وقيل : أربعون ، وقيل : سبعون ، وقيل : غير ذلك (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ) الظرف منصوب بتنوء ، وقيل : بآتيناه ، وقيل : ببغى. وردّهما أبو حيان بأن الإيتاء والبغي لم يكونا ذلك الوقت. وقال ابن جرير : هو متعلق بمحذوف وهو اذكر ، والمراد بقومه هنا : هم المؤمنون من بني إسرائيل. وقال الفراء : هو موسى وهو جمع أريد به الواحد ، ومعنى لا تفرح : لا تبطر ولا تأشر (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) البطرين الأشرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم. قال الزجاج : المعنى لا تفرح بالمال ، فإن الفرح بالمال لا يؤدي حقه ، وقيل المعنى : لا تفسد كقول الشاعر :
إذا أنت لم تبرح تؤدّي أمانة |
|
وتحمل أخرى أفرحتك الودائع |
أي : أفسدتك. قال الزجاج : الفرحين والفارحين : سواء. وقال الفراء : معنى الفرحين : الذين هم في حال الفرح ، والفارحين : الذين يفرحون في المستقبل. وقال مجاهد : معنى لا تفرح لا تبغ إن الله لا يحبّ الفرحين الباغين. وقيل معناه : لا تبخل إن الله لا يحبّ الباخلين (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ) أي : واطلب فيما أعطاك الله من الأموال الدار الآخرة ، فأنفقه فيما يرضاه الله لا في التجبر والبغي. وقرئ «واتبع» (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا). قال جمهور المفسرين : وهو أن يعمل في دنياه لآخرته ، ونصيب الإنسان : عمره الصالح. قال الزجاج : لا تنس أن تعمل لآخرتك لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا ، الذي يعمل به لآخرته. وقال الحسن وقتادة : معناه لا تضيع حظك من دنياك ، في تمتعك بالحلال ، وطلبك إياه ، وهذا ألصق بمعنى النظم القرآني (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) أي : أحسن إلى عباد الله كما أحسن الله إليك بما أنعم به عليك من نعم الدنيا ، وقيل : أطع الله واعبده كما أنعم عليك ، ويؤيده ما ثبت في الصحيحين وغيرهما «أنّ جبريل سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الإحسان فقال : أن تعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ) أي : لا تعمل فيها بمعاصي الله (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) في الأرض (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) قال قارون : هذه المقالة ردّا على من نصحه بما تقدّم ، أي : إنما أعطيت ما أعطيت من المال لأجل علمي ، فقوله : «على علم» في محل نصب على الحال ، وعندي إما ظرف لأوتيته ، وإما صلة للعلم ، وهذا العلم الذي جعله سببا لما ناله من الدنيا. قيل : هو علم التوراة ، وقيل : علمه بوجوه المكاسب ، والتجارات ، وقيل : معرفة الكنوز والدفائن ، وقيل : علم الكيمياء ، وقيل المعنى : إن الله آتاني هذه الكنوز على علم منه باستحقاقي إياها لفضل علمه مني. واختار هذا الزجاج ، وأنكر ما عداه ، ثم ردّ الله عليه قوله هذا فقال : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً) المراد بالقرون : الأمم الخالية ، ومعنى أكثر جمعا : أكثر منه جمعا للمال ، ولو كان المال ، أو القوّة يدلان على فضيلة ؛ لما أهلكهم الله. وقيل : القوّة الآلات ، والجمع :