وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً) قال : أي ليسوا من أهل السماء كما قلتم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال : ما نعلم أن الله أرسل رسولا قط إلا من أهل القرى ، لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل المعمور. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال : كيف عذّب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والأمم التي عذّب الله. وأخرج البخاري وغيره من طريق عروة أنه سأل عائشة عن قول الله سبحانه (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) قال : قلت أكذبوا أم كذّبوا؟ يعني على هذه الكلمة مخففة أم مشددة ، فقالت : بل كذّبوا تعني بالتشديد ، قلت : والله لقد استيقنوا أن قومهم كذّبوهم ، فما هو بالظن ، قالت : أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك ، فقلت : لعلها وظنوا أنهم قد كذبوا ، مخففة ، قالت : معاذ الله ، لم تكن الرسل لتظنّ ذلك بربّها ، قلت : فما هذه الآية؟ قالت : هم أتباع الرسل الذين آمنوا وصدّقوهم ، وطال عليهم البلاء ، واستأخر عليهم النصر ، حتى إذا استيأس الرسل ممّن كذّبهم من قومهم ، وظنّت الرسل أن أتباعهم قد كذّبوهم ، جاءهم نصر الله عند ذلك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن أبي مليكة : أن ابن عباس قرأها عليه (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) مخففة يقول : أخلفوا. وقال ابن عباس : كانوا بشرا ، وتلا : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) ، قال ابن أبي مليكة : وأخبرني عروة عن عائشة أنها خالفت ذلك وأبته ، وقالت : والله ما وعد الله رسوله من شيء إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت ، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنّوا أنّ من معهم من المؤمنين قد كذبوهم ، وكانت تقرؤها مثقلة. وأخرج ابن مردويه من طريق عروة عن عائشة أن النبي قرأ : وظنوا أنهم قد كذبوا مخففة. وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس أنه كان يقرأ (قَدْ كُذِبُوا) مخففة ، قال : يئس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم ، وظنّ قومهم أن الرسل قد كذبوهم بما جاءوا به (جاءَهُمْ نَصْرُنا) قال : جاء الرسل نصرنا. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ عن تميم بن حذلم قال : قرأت على ابن مسعود القرآن فلم يأخذ عليّ إلا حرفين : كلّ آتوه داخرين فقال : أتوه مخففة. وقرأت عليه (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) فقال : كذبوا مخففة ، قال : استيأس الرسل من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم ، وظنّ قومهم حين أبطأ الأمر أنهم قد كذبوا. وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الأحوص عنه قال : حفظت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سورة يوسف : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) خفيفة. وللسلف في هذا كلام يرجع إلى ما ذكرناه من الخلاف عن الصحابة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ) قال : فننجي الرسل ومن نشاء (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) وذلك أن الله بعث الرسل يدعون قومهم ، فأخبروهم أنّ من أطاع الله نجا ومن عصاه عذّب وغوى. وأخرج أبو الشيخ عنه قال : (جاءَهُمْ نَصْرُنا) العذاب. وأخرج أبو الشيخ عن السدّي (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) قال : عذابه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (لَقَدْ