البيت بنصب عورة. وقيل : لم يقرأ بهذه القراءة أبو عمرو ، وقرأ ابن محيصن «والمقيمين» : بإثبات النون في الأصل ، ورويت هذه القراءة عن ابن مسعود ، ثم وصفهم سبحانه بقوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) أي : يتصدّقون به وينفقونه في وجوه البرّ ، ويضعونه في مواضع الخير ، ومثل هذه الآية قوله سبحانه : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (١).
وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (حُرُماتِ اللهِ) قال : الحرمة مكة والحجّ والعمرة وما نهى الله عنه من معاصيه كلها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) يقول : اجتنبوا طاعة الشيطان في عبادة الأوثان (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) يعني الافتراء على الله والتكذيب به. وأخرج أحمد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أيمن بن خريم قال : قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطيبا فقال : «يا أيها الناس عدلت شهادة الزّور شركا بالله ـ ثلاثا ـ ثم قرأ : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)» قال أحمد : غريب إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد. وقد اختلف عنه في رواية هذا الحديث ، ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعا من النبي صلىاللهعليهوسلم. وقد أخرجه أحمد وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب ، من حديث خريم. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي بكرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور ، فما زال يكرّرها حتى قلنا : ليته سكت». وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) قال : حجّاجا لله. غير مشركين به ، وذلك أن الجاهلية كانوا يحجون مشركين ، فلما أظهر الله الإسلام ، قال الله للمسلمين : حجّوا الآن غير مشركين بالله. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الصدّيق نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) قال : البدن. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) قال : الاستسمان والاستحسان والاستعظام ، وفي قوله : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قال : إلى أن تسمّى بدنا. وأخرج هؤلاء عن مجاهد نحوه ، وفيه قال : ولكم فيها منافع إلى أجل مسمى ، في ظهورها وألبانها وأوبارها وأشعارها وأصوافها إلى أن تسمّى هديا ، فإذا سميت هديا ذهبت المنافع (ثُمَّ مَحِلُّها) يقول : حين تسمى (إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ). وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : إذا دخلت الحرم فقد بلغت محلها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) قال : عيدا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : إهراق الدماء. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة
__________________
(١). الأنفال : ٢.