صورته صورة الحيلة والمكيدة إذا لم يخالف ذلك شرعا ثابتا (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) أي ما كان يوسف ليأخذ أخاه بنيامين في دين الملك ؛ أي ملك مصر ، وفي شريعته التي كان عليها ، بل كان دينه وقضاؤه أن يضرب السّارق ويغرم ضعف ما سرقه دون الاستعباد سنة كما هو دين يعقوب وشريعته. وحاصله أنّ يوسف ما كان يتمكّن من إجراء حكم يعقوب على أخيه مع كونه مخالفا لدين الملك وشريعته لو لا ما كاد الله له ودبّره وأراده حتى وجد السبيل إليه ، وهو ما أجراه على ألسن إخوته من قولهم : إن جزاء السارق الاسترقاق ، فكان قولهم هذا هو بمشيئة الله وتدبيره ، وهو معنى قوله : (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أي إلا حال مشيئته وإذنه بذلك وإرادته له ، وهذه الجملة ؛ أعني ما كان ليأخذ أخاه إلخ تعليل لما صنعه الله من الكيد ليوسف أو تفسير له (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) بضروب العلوم والمعارف والعطايا والكرامات كما رفعنا درجة يوسف بذلك (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ) ممّن رفعه الله بالعلم (عَلِيمٌ) أرفع رتبة منهم وأعلى درجة لا يبلغون مداه ولا يرتقون شأوه. وقيل : معنى ذلك : أنّ فوق كلّ أهل العلم عليم ، وهو الله سبحانه.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ) قال : رهب يعقوب عليهم العين. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب قال : خشي عليهم العين. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وأبو الشيخ عن النخعي في قوله : (وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) قال : أحب يعقوب أن يلقى يوسف أخاه في خلوة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها) قال : خيفة العين على بنيه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ) قال : إنه لعامل بما علم ، ومن لا يعمل لا يكون عالما. وأخرج هؤلاء عنه في قوله : (آوى إِلَيْهِ أَخاهُ) قال : إنه إليه. في قوله : (فَلا تَبْتَئِسْ) قال : لا تحزن ولا تيأس ، في قوله : (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) قال : قضى حاجتهم وكال لهم طعامهم ، في قوله : (جَعَلَ السِّقايَةَ) قال : هو إناء الملك الذي يشرب منه (فِي رَحْلِ أَخِيهِ) قال : في متاع أخيه. وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن الأنباري في المصاحف ، عن ابن عباس في قوله : (جَعَلَ السِّقايَةَ) قال : هو الصّواع ، وكلّ شيء يشرب منه فهو صواع. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد نحوه أيضا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ) قال : كانت العير حميرا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله : (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ) قال : حمل حمار طعام ، وهي لغة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) يقول : كفيل. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والضحّاك مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله : (ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ) يقول : ما جئنا لنعصي في الأرض. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : (فَما جَزاؤُهُ) قال : عرفوا الحكم في حكمهم فقالوا : من وجد