وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة (قالُوا لا تَوْجَلْ) لا تخف. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي (مِنَ الْقانِطِينَ) قال : الآيسين. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة (إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) يعني الباقين في عذاب الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) قال : أنكرهم لوط ، وفي قوله : (بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ) قال : بعذاب قوم لوط. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة (بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ) قال : يشكون. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : (وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ) قال : أمر أن يكون خلف أهله يتبع أدبارهم في آخرهم إذا مشوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي (وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) قال : أخرجهم الله إلى الشام. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) قال : أوحيناه إليه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ) يعني : استئصالهم وهلاكهم.
(وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩) قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (٧٠) قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧))
ذكر سبحانه ما كان من قوم لوط عند وصول الملائكة إلى قريتهم فقال : (وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ) أي : أهل مدينة قوم لوط ، وهي سدوم كما سبق ، وجملة يستبشرون في محل نصب على الحال ، أي : مستبشرون بأضياف لوط طمعا في ارتكاب الفاحشة منهم ف (قالَ) لهم لوط (إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي) وحدّ الضيف لأنه مصدر كما تقدّم ، والمراد أضيافي ، وسماهم ضيفا لأنه رآهم على هيئة الأضياف ، وقومه رأوهم مردا حسان الوجوه ، فلذلك طمعوا فيهم (فَلا تَفْضَحُونِ) يقال : فضحه يفضحه فضيحة وفضحا ؛ إذا أظهر من أمره ما يلزمه العار بإظهاره ، والمعنى : لا تفضحون عندهم بتعرّضكم لهم بالفاحشة فيعلمون أني عاجز عن حماية من نزل بي ، أو لا تفضحون فضيحة ضيفي ، فإن من فعل ما يفضح الضيف فقد فعل ما يفضح المضيف (وَاتَّقُوا اللهَ) في أمرهم (وَلا تُخْزُونِ) يجوز أن تكون من الخزي ؛ وهو الذلّ والهوان ، ويجوز أن يكون من الخزاية وهي الحياء والخجل ، وقد تقدّم تفسير ذلك في هود (قالُوا) أي : قوم لوط مجيبين له (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) الاستفهام للإنكار ، والواو للعطف على مقدّر ، أي : ألم نتقدّم إليك وننهك عن أن تكلمنا في شأن أحد من الناس إذا قصدناه بالفاحشة؟ وقيل : نهوه عن ضيافة الناس ، ويجوز حمل ما في الآية على ما هو أعمّ من هذين الأمرين (قالَ هؤُلاءِ بَناتِي) فتزوّجوهنّ (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) ما عزمتم عليه من فعل الفاحشة بضيفي فهؤلاء بناتي تزوّجوهنّ حلالا ولا ترتكبوا الحرام ؛ وقيل : أراد ببناته نساء قومه ؛ لكون النبيّ بمنزلة الأب لقومه ، وقد تقدّم تفسير هذا في هود (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) العمر والعمر بالفتح والضم واحد ، لكنهم خصّوا القسم بالمفتوح لإيثار الأخف فإنه كثير الدور على ألسنتهم ، ذكر ذلك