به الأقلام يا عمر ، ولكن كلّ ميسر لما خلق له». وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن ابن عباس قال : هاتان من المخبئات قول الله : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) و (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا) أما قوله : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) فهم قوم من أهل الكتاب من أهل هذه القبلة ، يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم ، ثم يأذن في الشفاعة لهم ، فيشفع لهم المؤمنون ، فيخرجهم من النار ، فيدخلهم الجنة ، فسماهم : أشقياء حين عذبهم في النار (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ـ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) حين أذن في الشفاعة لهم وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة وهم هم (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) يعني : بعد الشقاء الذي كانوا فيه (فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) يعني : الذين كانوا في النار. وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه عن قتادة : أنه تلا هذه الآية : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) فقال : حدّثنا أنس : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يخرج قوم من النار ، ولا نقول كما قال أهل حروراء : إن من دخلها بقي فيها». وأخرج ابن مردويه عن جابر قال : «قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) إلى قوله (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن شاء الله أن يخرج أناسا من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل». وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن خالد بن معدان في قوله : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) قال : إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق ، وابن الضريس ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله ، أو عن أبي سعيد الخدري أو رجل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) قال : هذه الآية قاضية على القرآن كله ، يقول : حيث كان في القرآن خالدين فيها : تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي عن أبي نضرة قال : ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية : (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ). وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) قال : لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن السدّي نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن الحسن نحوه أيضا. وأخرج البيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) قال : فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار ، وأن يخلد هؤلاء في الجنة. وأخرج ابن جرير عنه في قوله : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) قال : استثنى الله من النار أن تأكلهم. وأخرج أبو الشيخ عن السدّي في الآية قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها ، فأنزل بالمدينة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً) إلى آخر الآية ، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها ، وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) الآية : قال : فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها ، فأنزل بالمدينة : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ) إلى قوله : (ظِلًّا ظَلِيلاً) (١) فأوجب لهم خلود الأبد. وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : قال عمر : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج ، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه. وأخرج إسحاق بن راهويه عن أبي هريرة قال : «سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد ، وقرأ (فَأَمَّا
__________________
(١). النساء : ٥٧.