بِسَلامٍ مِنَّا) قال : اهبطوا والله عنهم راض. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال : دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة ، ودخل في ذلك العذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير عن الضحاك : (وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) يعني ممن لم يولد ، أوجب الله لهم البركات لما سبق لهم في علم الله من السعادة (وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ) يعني : متاع الحياة الدنيا (ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) لما سبق لهم في علم الله من الشقاوة. وأخرج أبو الشيخ قال : ثم رجع إلى محمد صلىاللهعليهوسلم فقال : (تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ) يعني العرب (مِنْ قَبْلِ هذا) القرآن.
(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢) قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٨) وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠))
قوله : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) معطوف على وأرسلنا نوحا ؛ أي : وأرسلنا إلى عاد أخاهم ؛ أي : واحدا منهم ، وهودا عطف بيان ، وقوم عاد كانوا عبدة أوثان ، وقد تقدّم مثل هذا في الأعراف. وقيل : هم عاد الأولى وعاد الأخرى ، فهؤلاء هم عاد الأولى ، وعاد الأخرى : هم شداد ولقمان وقومهما المذكورون في قوله : (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) (١) ، وأصل عاد : اسم رجل ثم صار اسما للقبيلة كتميم وبكر ونحوهما : (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) قرئ غيره بالجرّ على اللفظ ، وبالرفع على محل من إله ، وقرئ بالنصب على الاستثناء : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ) أي : ما أنتم باتخاذ إله غير الله إلا كاذبون على الله عزوجل ، ثم خاطبهم فقال : (يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) أي : لا أطلب منكم أجرا على ما أبلغه إليكم ، وأنصحكم به من الإرشاد إلى عبادة الله وحده ، وأنه لا إله لكم سواه ، فالضمير راجع إلى مضمون هذا الكلام. وقد تقدّم معنى هذا في قصة نوح (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي) أي : ما أجري الذي أطلب إلا من الذي فطرني ، أي : خلقني فهو الذي يثيبني على ذلك (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أنّ أجر الناصحين إنما هو من ربّ العالمين ، قيل : إنما
__________________
(١). الفجر : ٧.