بني إسرائيل ؛ وقيل : المراد طائفة من ذراري فرعون ، فيكون الضمير عائدا على فرعون ، قيل : ومنهم مؤمن آل فرعون وامرأته وماشطة ابنته وامرأة خازنه ؛ وقيل : هم قوم آباؤهم من القبط وأمهاتهم من بني إسرائيل ، روي هذا عن الفراء. (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) الضمير لفرعون ، وجمع لأنه لما كان جبارا جمعوا ضميره تعظيما له ؛ وقيل : إن قوم فرعون سموا : بفرعون ، مثل ثمود ، فرجع الضمير إليهم بهذا الاعتبار ، وقيل : إنه عائد على مضاف محذوف ، والتقدير : على خوف من آل فرعون ، وروي هذا عن الفراء. ومنع ذلك الخليل وسيبويه ، فلا يجوز عندهما : قامت هند ، وأنت تريد غلامها ، وروي عن الأخفش أن الضمير يعود على الذرية ، وقوّاه النحاس : (أَنْ يَفْتِنَهُمْ) أي : يصرفهم عن دينهم بالعذاب الذي كان ينزله بهم ، وهو بدل اشتمال. ويجوز أن يكون في موضع نصب بالمصدر. (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ) أي : عات متكبر متغلب على أرض مصر (وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) المجاوزين للحد في الكفر وما يفعله من القتل والصلب وتنويع العقوبات. قوله : (وَقالَ مُوسى يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) قيل : إن هذا من باب التكرير للشرط ، فشرط في التوكل على الله الإيمان به ، والإسلام : أي الاستسلام لقضائه وقدره ؛ وقيل : إن هذا ليس من تعليق الحكم بشرطين ، بل المعلق بالإيمان هو وجوب التوكل ، والمشروط بالإسلام وجوده ؛ والمعنى : أن يسلموا أنفسهم لله ، أي : يجعلوها له سالمة خالصة لا حظّ للشيطان فيها ، لأن التوكل لا يكون مع التخليط. قال في الكشاف : ونظيره في الكلام : إن ضربك زيد فاضربه إن كانت لك به قوّة (فَقالُوا) أي : قوم موسى مجيبين له (عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا) ثم دعوا الله مخلصين فقالوا : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً) أي : موضع فتنة (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) والمعنى : لا تسلطهم علينا فيعذبونا حتى يفتنونا عن ديننا ، ولا تجعلنا فتنة لهم يفتنون بنا غيرنا ، فيقولون لهم : لو كان هؤلاء على حق لما سلطنا عليهم وعذبناهم ، وعلى المعنى الأوّل تكون الفتنة بمعنى المفتون. ولما قدّموا التضرّع إلى الله سبحانه في أن يصون دينهم عن الفساد أتبعوه بسؤال عصمة أنفسهم فقالوا : (وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) وفي هذا دليل على أنه كان لهم اهتمام بأمر الدين فوق اهتمامهم بسلامة أنفسهم. قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً) أن هي المفسرة ، في الإيحاء معنى : القول : أن تبوّأ : أي اتخذا لقومكما بمصر بيوتا ؛ يقال : بوّأت زيدا مكانا ، وبوّأت لزيد مكانا ، والمبوأ : المنزل الملزوم ، ومنه : بوّأه الله منزلا : أي ألزمه إياه وأسكنه فيه ، ومنه : الحديث : «من كذب علىّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار» ومنه قول الراجز :
نحن بنو عدنان ليس شك |
|
تبوّأ المجد بنا والملك |
قيل : ومصر في هذه الآية هي الإسكندرية ، وقيل : هي مصر المعروفة لا الإسكندرية (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) أي : متوجهة إلى جهة القبلة ، قيل : والمراد بالبيوت هنا المساجد ، وإليه ذهب جماعة من السلف ؛ وقيل : المراد بالبيوت التي يسكنون فيها ، أمروا بأن يجعلوها متقابلة ، والمراد بالقبلة على القول الأوّل هي جهة بيت المقدس ، وهو قبلة اليهود إلى اليوم ؛ وقيل : جهة الكعبة ، وأنها كانت قبلة موسى ومن معه ؛ وقيل : المراد أنهم يجعلون بيوتهم مستقبلة للقبلة ليصلوا فيها سرّا لئلا يصيبهم من الكفار معرّة بسبب الصلاة ، ومما