يؤيد هذا قوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أي : التي أمركم الله بإقامتها فإنه يفيد أن القبلة هي : قبلة الصلاة إما في المساجد ، أو في البيوت لا جعل البيوت متقابلة ، وإنما جعل الخطاب في أوّل الكلام مع موسى وهارون ، ثم جعله لهما ولقومهما في قوله : (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ثم أفرد موسى بالخطاب بعد ذلك ، فقال (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) لأنّ اختيار المكان مفوّض إلى الأنبياء ، ثم جعل عاما في استقبال القبلة ، وإقامة الصلاة ، لأن ذلك واجب على الجميع لا يختص بالأنبياء ، ثم جعل خاصا بموسى لأنه الأصل في الرسالة وهارون تابع له ، فكان ذلك تعظيما للبشارة وللمبشر بها ؛ وقيل : إن الخطاب في (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) لنبينا محمد صلىاللهعليهوسلم على طريقة الالتفات والاعتراض ، والأوّل أولى.
وقد أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (لِتَلْفِتَنا) قال : لتلوينا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدّي قال : لتصدّنا عن آلهتنا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) قال : العظمة والملك والسلطان. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ) قال : الذرية : القليل. وأخرج هؤلاء عنه في قوله : (ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) قال : من بني إسرائيل. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد قال : هم أولاد الذين أرسل إليهم موسى ، من طول الزمان ومات آباؤهم. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كانت الذرية التي آمنت لموسى من أناس غير بني إسرائيل من قوم فرعون منهم امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون وخازن فرعون وامرأة خازنه. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ونعيم بن حماد في الفتن وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قال : لا تسلّطهم علينا فيفتنونا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه قال في تفسير الآية : لا تعذّبنا بأيدي قوم فرعون ولا بعذاب من عندك ، فيقول قوم فرعون : لو كانوا على الحقّ ما عذبوا ولا سلّطنا عليهم فيفتنون بنا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي قلابة في الآية قال : سأل ربه أن لا يظهر علينا عدوّنا فيحسبون أنهم أولى بالعدل فيفتنون بذلك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مجلز نحوه. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ) الآية ، قال ذلك حين منعهم فرعون الصلاة ، فأمروا أن يجعلوا مساجدهم في بيوتهم وأن يوجهوها نحو القبلة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ) قال : مصر الإسكندرية. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال : كانوا لا يصلون إلا في البيع حتى خافوا من آل فرعون فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : أمروا أن يتّخذوا في بيوتهم مساجد. وأخرج أبو الشيخ عن أبي سنان قال : القبلة الكعبة ، وذكر أن آدم فمن بعده كانوا يصلّون قبل الكعبة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً) قال : يقابل بعضها بعضا.