قال : ذاك الكفر. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عمر قال : بابان من السحت يأكلهما الناس : الرشاء في الحكم ، ومهر الزانية. وقد ثبت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في تحريم الرشوة ما هو معروف. وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : آيتان نسختا من سورة المائدة : آية القلائد ، وقوله : (فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم مخيّرا : إن شاء حكم بينهم ، وإن شاء أعرض عنهم ، فردّهم إلى أحكامهم ، فنزلت (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) (١) قال : فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يحكم بينهم بما في كتابنا. وأخرج نحوه في الآية الآخرة عنه أبو عبيدة وابن المنذر وابن مردويه. وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة نحوه. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس أنّ الآيات من المائدة التي قال فيها : (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) إلى قوله : (الْمُقْسِطِينَ) إنما نزلت في الدية من بني النضير وقريظة ، وذلك أن قتلى بني النضير كان لهم شرف يودون الدية كاملة ، وأن بني قريظة كانوا يودون نصف الدية ، فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله ذلك فيهم ، فحملهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الحقّ في ذلك ، فجعل الدية سواء. وأخرج نحوه عنه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في سننه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله : (وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) يعني حدود الله ، فأخبره الله بحكمه في التوراة ، قال : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها) إلى قوله : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) (٢). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في قوله : (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) يعني النبي صلىاللهعليهوسلم (لِلَّذِينَ هادُوا) يعني اليهود. وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : الذين أسلموا : النبي ومن قبله من الأنبياء يحكمون بما فيها من الحقّ. وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : الربانيون والأحبار : الفقهاء والعلماء. وأخرج عن مجاهد قال : الربانيون : العلماء الفقهاء ، وهم فوق الأحبار. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : الربانيون : العبّاد ، والأحبار : العلماء. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الربانيون : الفقهاء العلماء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال : الربانيون هم المؤمنون ، والأحبار هم القراء. وأخرج ابن جرير عن السدي (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ) فتكتموا ما أنزلت (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) على أن تكتموا ما أنزلت. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) قال : لا تأكلوا السّحت على كتابي. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ) يقول : من جحد الحكم بما أنزل الله فقد كفر ، ومن أقرّ به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق. وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) قال : إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ، وإنه ليس كفر ينقل من الملة ، بل دون كفره. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء ابن أبي رباح في قوله : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)(هُمُ الظَّالِمُونَ هُمُ الْفاسِقُونَ) قال : كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ،
__________________
(١). المائدة : ٤٩.
(٢). المائدة : ٤٥.