على من زنى إذا أحصن؟ قالوا : يحمّم (١) ويجبّه ويجلد ، والتجبية : أن يحمل الزانيان على حمار وتقابل أقفيتهما ويطاف بهما ، وسكت شاب منهم فلما رآه النبي صلىاللهعليهوسلم سكت ألظّ به النشدة فقال : اللهم إذ نشدتنا نجب فإنا نجد في التوراة الرجم ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : فما أوّل ما ارتخصتم أمر الله؟ قال : زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخّر عنه الرجم ، ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه ، فحال قومه دونه ، وقالوا : والله لا ترجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه ، فاصطلحوا هذه العقوبة بينهم ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «فإني أحكم بما في التوراة ، فأمر بهما فرجما» قال الزهري : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) فكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم منهم. وأخرجه ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق أخرى عن أبي هريرة ، وذكر فيه أن الشاب المذكور هو عبد الله بن صوريا. وأخرج نحو حديث أبي هريرة أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث البراء ابن عازب. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر : أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكروا له أنّ رجلا منهم وامرأة زنيا ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما تجدون في التوراة؟ قالوا : نفضحهم ويجلدون ، قال عبد الله بن سلام : كذبتم ، إن فيها آية الرجم ، فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال عبد الله بن سلام : ارفع يدك ، فرفع يده فإذا آية الرجم ، قالوا : صدق ، فأمر بهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرجما. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن جابر بن عبد الله في قوله : (وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) قال : يهود المدينة (سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ) قال : يهود فدك (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) قال : يهود فدك يقولون ليهود المدينة (إِنْ أُوتِيتُمْ هذا) الجلد (فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) الرجم. وأخرج أبو داود وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عنه قال : زنى رجل من أهل فدك ، فكتب أهل فدك إلى ناس من اليهود بالمدينة أن سلوا محمدا ، وذكر القصة. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) قال : أخذوا الرشوة في الحكم ، وقضوا بالكذب. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود قال : السّحت : الرّشوة في الدين. قال سفيان : يعني في الحكم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود أيضا قال : من شفع لرجل ليدفع عنه مظلمة أو يردّ عليه حقا فأهدى له هدية فقبلها فذلك السّحت ، فقيل له : يا أبا عبد الرحمن إنا كنا نعدّ السحت الرشوة في الحكم ، فقال ذلك الكفر (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ). وقد روي نحو هذا عنه من طرق. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : رشوة الحكّام حرام. وهي السّحت الذي ذكر الله في كتابه. وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن ثابت قال : السّحت الرشوة. وأخرج عبد بن حميد عن عليّ بن أبي طالب أنه سئل عن السحت ، فقال : الرشا ، فقيل له : في الحكم؟
__________________
(١). يحمّم : يسوّد وجهه.