يردّه اللجام ، ومنه قول الشاعر :
سبوحا جموحا وإحضارها |
|
كمعمعة السّعف الموقد |
والمعنى : لو وجدوا شيئا من هذه الأشياء المذكورة لولوا إليه مسرعين هربا من المسلمين.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال : جعل المنافقون الذين تخلّفوا بالمدينة يخبرون عن النبي صلىاللهعليهوسلم أخبار السوء ، يقولون : إن محمدا وأصحابه قد جهدوا في سفرهم وهلكوا ، فبلغهم تكذيب حديثهم وعافية النبيّ وأصحابه ، فساءهم ذلك فأنزل الله (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) الآية. وأخرج سنيد وابن جرير عن ابن عباس (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) يقول : إن يصبك في سفرك هذه الغزوة تبوك حسنة تسؤهم قال : الجدّ وأصحابه ، يعني الجدّ بن قيس. وأخرج أبو الشيخ عن السدّي (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) قال : إلا ما قضى الله لنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال (هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) قال : فتح أو شهادة. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله (أَوْ بِأَيْدِينا) قال : القتل بالسيوف. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : قال الجدّ بن قيس : إني إذا رأيت النساء لم أصبر حتى أفتتن ، ولكن أعينك بمالي ، قال : ففيه نزلت (قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) الآية. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ) قال : هذه من تقاديم الكلام ، يقول : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) في الحياة الدنيا (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها) في الآخرة. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : إنما يريد الله ليعذبهم بها في الآخرة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي في قوله (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) قال : تزهق أنفسهم في الحياة الدنيا (وَهُمْ كافِرُونَ) قال : هذه آية فيها تقديم وتأخير. وأخرج أبو حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله (فَلا تُعْجِبْكَ) يقول : لا يغررك (وَتَزْهَقَ) قال : تخرج أنفسهم ، قال في الدنيا وهم كافرون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً) الآية قال : الملجأ : الحرز في الجبال ، والمغارات : الغيران ، والمدّخل : السرب. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدّي (وَهُمْ يَجْمَحُونَ) قال : يسرعون.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ (٥٩) إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠))
قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ) هذا ذكر نوع آخر من قبائحهم ، يقال : لمزه يلمزه ؛ إذا عابه. قال الجوهري : اللمز العيب ، وأصله الإشارة بالعين ونحوها ، وقد لمزه يلمزه ويلمزه ، ورجل لمّاز ، ولمزة :