الآيتين قال : نسختها الآية التي في سورة النور (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) إلى (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١) فجعل الله النبي صلىاللهعليهوسلم بأعلى النظرين في ذلك ، من غزا غزا في فضيلة ، ومن قعد قعد في غير حرج إن شاء الله. وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ) قال : خروجهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (فَثَبَّطَهُمْ) قال : حبسهم. وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) قال : هؤلاء المنافقون في غزوة تبوك. وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) قال : لأسرعوا بينكم. وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) قال : لأوفضوا (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) يبطئونكم : عبد الله بن نبتل ، وعبد الله بن أبيّ ابن سلول ، ورفاعة بن تابوت ، وأوس بن قيظي (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) محدّثون لهم بأحاديثكم غير منافقين ، وهم عيون للمنافقين. وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه ، وأبو نعيم في المعرفة ، عن ابن عباس قال : لما أراد النبي صلىاللهعليهوسلم أن يخرج إلى غزوة تبوك قال لجدّ بن قيس : يا جدّ بن قيس ما تقول في مجاهدة بني الأصفر؟ فقال : يا رسول الله! إني امرؤ صاحب نساء ، ومتى أرى نساء بني الأصفر أفتتن ، فأذن لي ولا تفتني ، فأنزل الله (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد الله نحوه. وأخرج ابن مردويه عن عائشة نحوه أيضا. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَلا تَفْتِنِّي) قال : لا تخرجني (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) يعني : في الخروج. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله (وَلا تَفْتِنِّي) قال : لا تؤثمني (أَلا فِي الْفِتْنَةِ) قال : ألا في الإثم ، وقصة تبوك مذكورة في كتب الحديث والسير ، فلا نطول بذكرها.
(إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢) قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣) وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥) وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (٥٧))
قوله : (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ) أيّ حسنة كانت ، بأيّ سبب اتفق ، كما يفيده وقوعها في حيز الشرط ،
__________________
(١). النور : ٦٢.