أبو حنيفة وأصحابه ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل : اثنا عشر وأربعة وعشرون وثمانية وأربعون ، والكلام في الجزية مقرّر في مواطنه ، والحق من هذه الأقوال قد قرّرناه في شرحنا للمنتقى وغيره من مؤلفاتنا ، قوله : (وَهُمْ صاغِرُونَ) في محلّ نصب على الحال ، والصغار : الذلّ. والمعنى : إن الذميّ يعطي الجزية حال كونه صاغرا ، قيل : وهو أن يأتي بها بنفسه ماشيا غير راكب ، ويسلمها وهو قائم ، والمتسلم قاعد. وبالجملة ينبغي للقابض للجزية أن يجعل المسلم لها حال قبضها صاغرا ذليلا.
وقد أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد الله في قوله : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) الآية قال : إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الذمة. وقد روي مرفوعا من وجه آخر أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يدخل مسجدنا هذا بعد عامنا هذا مشرك إلا أهل العهد وخدمكم». قال ابن كثير : تفرد به أحمد مرفوعا. والموقوف : أصح. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان المشركون يجيئون إلى البيت ، ويجيئون معهم بالطعام يتجرون به. فلما نهوا عن أن يأتوا البيت. قال المسلمون : فمن أين لنا الطعام؟ فأنزل الله (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ) قال : فأنزل الله عليهم المطر ، وكثر خيرهم حين ذهب المشركون عنهم. وأخرج ابن مردويه عنه قال : فأغناهم الله من فضله وأمرهم بقتال أهل الكتاب. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) قال : الفاقة. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : (فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) قال : بالجزية. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الضحاك مثله. وأخرج نحوه عبد الرزاق عن قتادة. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) قال : قذر. وأخرج أبو الشيخ عنه أيضا قال : من صافحهم فليتوضأ. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من صافح مشركا فليتوضّأ أو ليغسل كفّيه». وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) قال : نزلت هذه الآية حين أمر محمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بغزوة تبوك. وأخرج ابن المنذر عن ابن شهاب قال : نزلت في كفار قريش والعرب (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) وأنزلت في أهل الكتاب (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) الآية إلى قوله : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ) فكان أول من أعطى الجزية أهل نجران. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) يعني : الذين لا يصدّقون بتوحيد الله (وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ) يعني : الخمر والحرير (وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ) يعني : دين الإسلام (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) يعني مذللون. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : (عَنْ يَدٍ) قال : عن قهر. وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة في قوله : (عَنْ يَدٍ) قال : من يده ولا يبعث بها غيره. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سنان في قوله : (عَنْ يَدٍ) قال : عن قدرة. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (وَهُمْ صاغِرُونَ) قال : يمشون بها