من الريح إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذ به الأنفس ، وإنها لتمرّ بالعادي فتحمله بين السماء والأرض وتدمغه بالحجارة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله (وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا) قال : استأصلناهم. وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن عساكر عن عليّ بن أبي طالب قال : قبر هود يحضر موت في كثيب أحمر عند رأسه سدرة. وأخرج ابن عساكر عن عثمان بن أبي العاتكة قال : قبلة مسجد دمشق قبر هود. وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال : كان عمر هود أربعمائة سنة واثنتين وسبعين سنة.
(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٧٤) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٧٦) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩))
قوله (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) معطوف على ما تقدّم ، أي : وأرسلنا إلى ثمود أخاهم ، وثمود : قبيلة سموا باسم أبيهم ، وهو ثمود بن عاد بن إرم بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ، وصالح عطف بيان ، وهو صالح بن عبيد بن أسف بن ماشح بن عبيد بن حاذر بن ثمود ، وامتناع ثمود من الصرف لأنه جعل اسما للقبيلة. وقال أبو حاتم : لم ينصرف لأنه أعجمي. قال النحاس : وهو غلط لأنه من الثمد ، وهو الماء القليل ، وقد قرأ القراء ألا إنّ ثمودا كفروا ربهم (١) على أنه اسم للحيّ ، وكانت مساكن ثمود الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى. قوله (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) قد تقدّم تفسيره في قصة نوح (قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أي : معجزة ظاهرة ، وهي إخراج الناقة من الحجر الصلد ، وجملة (هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) مشتملة على بيان البينة المذكورة ، وانتصاب آية : على الحال ، والعامل فيها معنى الإشارة ، وفي إضافة الناقة إلى الله تشريف لها وتكريم. قوله (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) أي : دعوها تأكل في أرض الله ، فهي ناقة الله ، والأرض أرضه فلا تمنعوها مما ليس لكم ولا تملكونه (وَلا تَمَسُّوها) بشيء من السوء ، أي : لا تتعرّضوا لها بوجه من الوجوه التي تسوؤها. قوله (فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) هو جواب النهي : أي إذا لم تتركوا مسها بشيء من السوء أخذكم عذاب أليم ، أي : شديد الألم. قوله (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ) أي : استخلفكم في الأرض أو جعلكم ملوكا فيها ، كما تقدّم
__________________
(١). هود : ٦٨.