(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٦٥) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٦٦) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٧) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (٦٨) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٦٩) قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٧١) فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ (٧٢))
قوله (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) أي : وأرسلنا إلى قوم عاد أخاهم ، أي : واحدا من قبيلتهم أو صاحبهم وسمّاه أخا لكونه ابن آدم مثلهم ، وعاد هو من ولد سام بن نوح. قيل : هو عاد بن عوص بن إرم بن شالخ ابن أرفخشذ بن سام بن نوح ، وهود هو ابن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عوص بن إرم بن شالخ بن أرفخشذ ابن سام بن نوح ، و (هُوداً) عطف بيان. (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ). قد تقدّم تفسير هذا قريبا ، والاستفهام في (أَفَلا تَتَّقُونَ) للإنكار. وقد تقدّم أيضا تفسير الملأ ، والسفاهة : الخفة والحمق. وقد تقدّم بيان ذلك في البقرة ، نسبوه إلى الخفة والطيش ، ولم يكتفوا بذلك حتى قالوا (إِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) مؤكدين لظنهم كذبه فيما ادعاه من الرسالة ، ثم أجاب عليهم بنفي السفاهة عنه ، واستدرك من ذلك بأنه رسول ربّ العالمين. وقد تقدّم بيان معنى هذا قريبا ، وكذلك سبق تفسير (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي) وتقدّم معنى الناصح ، والأمين : المعروف بالأمانة ، وسبق أيضا تفسير (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ) في قصة نوح التي قبل هذه القصة. قوله (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) أذكرهم نعمة من نعم الله عليهم ، وهي : أنه جعلهم خلفاء من بعد قوم نوح ، أي : جعلهم سكان الأرض التي كانوا فيها ، أو جعلهم ملوكا ، وإذ منصوب باذكر وجعل الذكر للوقت. والمراد : ما كان فيه من الاستخلاف على الأرض لقصد المبالغة ، لأنّ الشيء إذا كان وقته مستحقا للذكر ، فهو مستحقّ له بالأولى (وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) أي : طولا في الخلق وعظم جسم زيادة على ما كان عليه آباؤهم في الأبدان. وقد ورد عن السلف حكايات عن عظم أجرام قوم عاد. قوله (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) الآلاء : جمع إلىّ ومن جملتها نعمة الاستخلاف في الأرض ، والبسطة في الخلق وغير ذلك مما أنعم به عليهم ، وكرر التذكير لزيادة التقرير ، والآلاء : النعم (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) إن تذكرتم ذلك لأن الذكر للنعمة سبب باعث على شكرها ، ومن شكر فقد أفلح. قوله (قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ) هذا استنكار منهم لدعائه إلى