النفخ ثابتة في كتب الحديث لا حاجة لنا إلى إيرادها هاهنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) يعني أنّ عالم الغيب والشهادة هو الذي ينفخ في الصور.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٧٤) وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩) وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٨٠) وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢) وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣))
قوله : (لِأَبِيهِ آزَرَ) قال الجوهري : آزر اسم أعجمي ، وهو مشتق من آزر فلان فلانا إذا عاونه ، فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام. وقال ابن فارس : إنه مشتق من القوّة. قال الجويني في النكت من التفسير له : ليس بين الناس اختلاف في أن اسم والد إبراهيم تارخ ، والذي في القرآن يدل على أنّ اسمه آزر. وقد تعقّب في دعوى الاتفاق بما روي عن ابن إسحاق والضحّاك والكلبي أنه كان له اسمان : آزر وتارخ. وقال مقاتل : آزر : لقب ، وتارخ : اسم ، وقال سليمان التيمي : إنّ آزر سبّ وعتب ، ومعناه في كلامهم المعوجّ. وقال الضحّاك : معنى آزر : الشيخ الهمّ (١) بالفارسية. وقال الفرّاء : هي صفة ذم بلغتهم كأنه قال : يا مخطئ. وروي مثله عن الزجّاج. وقال مجاهد : هو اسم صنم. وعلى هذا إطلاق اسم الصّنم على أبيه إما للتعبير له لكونه معبوده ، أو على حذف مضاف : أي قال لأبيه عابد آزر ، أو : أتعبد آزر؟ على حذف الفعل. وقرأ ابن عباس «أإزر» بهمزتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة ، وروي عنه أنه قرأ بهمزتين مفتوحتين ، ومحل (إِذْ قالَ) النصب على تقدير واذكر إذ قال إبراهيم ، ويكون هذا المقدر معطوفا على (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) وقيل : وهو معطوف على (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ) وآزر عطف بيان. قوله : (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً) الاستفهام للإنكار ، أي أتجعلها آلهة لك تعبدها (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ) المتبعين لك في عبادة الأصنام (فِي ضَلالٍ) عن طريق الحق (مُبِينٍ) واضح (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) أي ومثل تلك الإراءة
__________________
(١). الهمّ : الفاني.