أن يقعد معهم إلا أن ينسى ، فإذا ذكر فليقم ، وذلك قول الله (فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن سيرين أنه كان يرى أن هذه الآية نزلت في أهل الأهواء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر قال : لا تجالسوا أهل الخصومات فإنهم الذين يخوضون في آيات الله. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن علي قال : إن أصحاب الأهواء من الذين يخوضون في آيات الله. وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل قال : كان المشركون بمكّة إذا سمعوا القرآن من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم خاضوا واستهزءوا ، فقال المسلمون : لا تصلح لنا مجالستهم نخاف أن نخرج حين نسمع قولهم ونجالسهم فلا نعيب عليهم ، فأنزل الله هذه الآية. وأخرج أبو الشيخ أيضا عن السديّ أنه قال : إن هذه الآية منسوخة بآية السيف. وأخرج النحاس عن ابن عباس في قوله : (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) قال : نسخت هذه الآية المكية بالآية المدنية ، وهي قوله : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها) (١) الآية. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن مجاهد (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) إن قعدوا ، ولكن لا يقعدوا. وأخرج ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة عن عمر بن عبد العزيز أنه أتى بقوم قعدوا على شراب معهم رجل صائم فضربه وقال : لا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً) قال : هو مثل قوله : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) يعني : أنه للتهديد. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه عن قتادة في هذه الآية قال : نسختها آية السيف. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله : (لَعِباً وَلَهْواً) قال : أكلا وشربا. وأخرج ابن جرير والمنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (أَنْ تُبْسَلَ) قال : أن تفضح ، وفي قوله : (أُبْسِلُوا) قال : فضحوا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله : (أَنْ تُبْسَلَ) قال : تسلم ، وفي قوله : (أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا) قال : أسلموا بجرائرهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) قال : هذا مثل ضربه الله للآلهة وللدعاة الذين يدعون إلى الله. وقوله : (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ) يقول : أضلّته ، وهم الغيلان يدعونه باسمه واسم أبيه وجدّه فيتبعها ويرى أنه في شيء فيصبح وقد ألقته في هلكة ، وربما أكلته أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشا ، فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) قال : هو الرجل لا يستجيب لهدي الله ، وهو الرجل أطاع الشيطان ، وعمل في الأرض بالمعصية ، وحاد عن الحق ، وضلّ عنه ، و (لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى ، يقول الله ذلك لأوليائهم من الإنس ، يقول : (إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) والضّلالة ما تدعو إليه الجن. وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسّنه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه ، والبيهقي في البعث ، عن عبد الله بن عمرو قال : «سئل النبي صلىاللهعليهوسلم عن الصور فقال : ينفخ فيه». والأحاديث الواردة في كيفية
__________________
(١). النساء : ١٤٠.