كما تناولت الأمثال أيضا البعد عن موجبات غضب الله التى تصيب الفرد والجماعة ، ودعتهم إلى الإيمان بالبعث ، والحساب ، واليوم الآخر ، وأظهرت قدرة الله فى عقاب من يستحق العقاب ، ونددت بموقف الكفار من الرسول ، وعنادهم ، ومعاملتهم له ... إلخ.
دارت كل هذه المعانى فى أثواب الآيات القرآنية وأساليبها ، وكان للمثل المكى دوره البارز فى هذا المجال ، يعالج السلوك الإنسانى إزاء رسالة الله ودعوته.
أما فى المجتمع المدنى ، فالأمر مختلف ، فقد عالجت الأمثال الكثير من العيوب التى تبرز فى هذا المجتمع المتحضر من نفاق ، وخداع ، وبخل ، وشح ، وجبن ، وقعود عن الجهاد.
لم تتعرض مباشرة لسلوك الناس وتصرفاتهم إزاء الرسالة ، وإنما هى بيان لما فى الكون والملكوت الواسع الذى يدبر الله أمره ، فهذه الحياة الدنيا مثلها (كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ) [يونس : ٢٤].
اختلفت البيئة ، فاختلف الاتجاه والعلاج ، واختلف الزمان ، فكان لكل وقت دواء ، واختلف الناس ، فكان لكل دواء.
الأمثال العربية :
من خلال دراستنا للأمثال القرآنية ، وما تناولته من اتجاهات عليا لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ؛ لأنها من التنزيل ، تنزيل رب العالمين ، الرحيم بعباده الذى خلقهم ، وعرف احتياجاتهم ، وما يعلى من مكانتهم وشأنهم ، فوضع لهم الأسس الحكيمة التى يسيرون عليها ، ورسم للإنسان طريق النجاة بما ساقه له من قيم ، وقدمه من مثل ، ودعا إليه من أوامر ، وما وضعه من تكاليف.
من خلال هذا كله ، اشرأبت النفس إلى محاولة إيجاد علاقة وترابط بين الأمثال القرآنية وما تعرضه علينا كتب التراث والأدب من تراث إنسانى نطقت به الألسنة ، وحفظته العقول ، وسجلته فى صفحات التاريخ من أمثال كان لها صداها وتأثيرها فى الفكر الإسلامى ، حقيقة ما روته الكتب الأدبية يحوى بين جنباته الكثير من الأمثال العربية التى وصلت إلينا من العصر الجاهلى ، وفيها ما فى هذا العصر من عادات وأمور قد لا تتفق مع القيم الإسلامية وما يدعو إليه القرآن ، ولذا فإننا سنحاول بإذن