الله أن نعرض نماذج من بعض الأمثال التى تتشابه فى نزعاتها واتجاهاتها البناءة فى الحياة مع الأمثال القرآنية فى سمو أهدافها ، ونبل أغراضها ، وهذه الأمثال عاشت وتعيش فى أفكارنا ، وترتبط بعقائدنا ، وتصلنا بماضينا.
وقد يكون فيما نذهب إليه من إيجاد علاقة فى الهدف والاتجاه ، لون من التكلف والعسر ؛ لأن المصادر القديمة لم تتعرض لهذه المناحى ولم تقدم لنا ما يرضى عقولنا من موازنات ومقارنات بين هذا وذاك ، ولكن ما دامت النية قد خلصت لخدمة هذا الطريق ، فإن فى إفراد باب بتعلق بالمنهج القرآنى وارتباطه بالأمثال العربية المتفقة معه فى الاتجاه والمأخذ ، ما قد يغنى القارئ اللبيب الذى يستطيع أن يتبين من التقارب الذى نطقت به الألسنة التى تشربت حب الإسلام ، وتعلقت به أرواحها وقلوبها ، وعقولها ، وعقائدها ، فنطقت بذلك معبرة ، وجرى على ألسنتها من لفظها الخاص ما ينبئ عن شدة الحب والارتباط بتعاليم الإسلام ، وارتباط الناس به فى حياتهم الخاصة والعامة ، وفيما يجرى بينهم من تعامل وعلاقات.
وفيما أسوقه من نماذج أمثال ، إنما أعطى دليلا على أن الخلق المسلم إنما استوحى فيما نطق وفيما عمل طريق القرآن ، ودعوته ، ومنهجه.
وقبل أن نعرض لهذه النماذج المختارة التى تعتبر نواة لدراسة أوسع فى أنواعها ، وأقسامها ، وأغراضها ، والتى عقدنا العزم بمشيئة الله أن نجعلها مبسوطة بين يدى القراء فى دراسة مستقلة ، أن نعرض لبعض الحقائق العامة التى تنير الطريق لما سيطرح من أمثال عربية ، تعالج مواقف الحياة ، وتعرض أحداثها ، ووقائعها ، وعظاتها ، وهى تكمن فى الآتى :
١ ـ هذه الأمثال فى أغلبها مجهولة الصاحب ، لا يعرف لها قائل ، ولا تسند إلى شخص معروف ، ولكنها سلكت طريقها إلى الحياة عن طريق المشافهة والرواة حتى وصلت إلينا فى تراث له فى النفس إعزاز وتقدير ، قد استحوذ على هذا الفضل ، وهذه المكانة بالنظر إلى مضمونه ومعناه ، أما معرفة الصاحب ، وكيف نشأ المثل ، فلم يحظ ذلك باهتمام الرواة.
٢ ـ كان من أساليب بقاء هذه الأمثال ، والمحافظة عليها ، ما تتسم به من صدق ، ومن توافق مع الحياة فى تطبيقاتها ، وما تحويه من قيم رفيعة ، واتجاهات بناءة مقتبسة من القرآن الكريم ، والحديث النبوى.