التفسير
قوله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ).
البشر لفظ يرادف الإنسان ، يطلق على الواحد والجمع ، ذكرا وأنثى ، لأنه بمنزلة المصدر. وانما سمي بشرا لظهور بشرته وعدم سترها بشيء ، واللام في (لبشر) للحق ، ويدل عليه قوله تعالى حكاية عن عيسى : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ) المائدة ـ ١١٦. والمراد به نفي الحقية التكوينية ، أي لا حق تكوينا.
وذكر هذا اللفظ وتعليق الحكم عليه لبيان الدليل والسبب أي أن البشرية تنافي الألوهية وانها غير ممكنة ذاتا الا بمجرد الادعاء الباطل. وعلى هذا تكون جملة (ما كان لبشر) لنفي الشأن الذي هو أبلغ من نفي الوقوع. أي ليس من شأن بشر ذلك ولا حق له في أن يدعي الربوبية ، بل يمتنع تحقق ذلك ، لأنه من الجمع بين المتناقضين ، وإن تحققت الدعاوي من مثل فرعون ونمرود ، لكنها خارج عن موضوع الآية رأسا لأنهما بمعزل عن الكتاب والحكم والنبوة.
والمراد من الكتاب ما هو المشتمل على المعارف الربوبية ، والاحكام الإلهية ومكارم الأخلاق. كما أن المراد من الحكم هو الولاية على فصل القضاء بين الناس بأمر إلهي. والمراد من النبوة تلك الصفة الخاصة التي يمنحها الله تعالى من يشاء من عباده.