في المقام من النصارى في عيسى بن مريم (عليهالسلام) زاعمين انه إله أو ابن الله باعتبار انه ولد من غير أب كما حكى الله تعالى عنهم في مواضع متعددة من القرآن الكريم قال عزوجل : (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) التوبة ـ ٢٠ وقال تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) المائدة ـ ٧٢ ، وقال تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) المائدة ـ ١١٦.
قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ).
تطييب لنفس الرسول (صلىاللهعليهوآله) بانه على العلم المطابق للواقع والحق اليقين ، ووعد منه عزوجل بأنه ناصره وانه لا يخذله في المواطن ، وارشاد الى ان ما عنده من العلم هو الحق الذي لا ارتياب فيه ويقبله العقل السليم ، فلا ينبغي التردد في المحاجة والمجادلة على الحق.
والمراد من العلم الأعم الحاصل من البرهان عن طريق الحس أو عن طريق العقل أو الوحي الالهي فان الجميع يتفق على ان المخلوق الممكن المربوب لا يمكن ان يكون إلها وربا. وان الله واحد لا شريك له وانه لم يلد ولم يولد.
قوله تعالى : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ).
تعال : فعل امر يدل على طلب الإقبال من مكان مرتفع ثم استعمل في مطلق طلب المجيء توسعا اي : اقبلوا بثبات وعزيمة.
والخطاب للرسول (صلىاللهعليهوآله) بالمحاجة لقطع كل عذر ، ودفعا لكل ضلالة ، وحسما لكل فساد. والتباهل الى الله عزوجل لمعرفة المحق من المبطل ، وهو امر لا بد منه لحفظ الحق عن الضياع ، وإتماما للحجة على العباد وصونا للمؤمن ومقامه في الحياة.