قوله تعالى : (وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ).
احتجاج على اهل الكتاب بأن التوراة والإنجيل نزلتا بعد ابراهيم فلا ريب ان اليهودية والنصرانية انما حدثتا بعد نزولهما. وفي إتيان نزول التوراة والإنجيل في الاحتجاج لبيان انه لو كان ابراهيم (عليهالسلام) من احدى الطائفتين لكان كتاب كل طائفة يشير إلى ذلك وهذا لم يتحقق فلا يمكن ان يكون ابراهيم منهم.
قوله تعالى : (أَفَلا تَعْقِلُونَ).
اي : أفلا تعقلون دحوض دعواكم وبطلانها وان المتقدم لا يكون تابعا للمتأخر ، والتعبير بذلك انما هو لبيان ان الأمر يكفي فيه ادنى تنبيه.
وفي الآية الشريفة تجهيل لهم واعلام لهم بان الحق في ابراهيم (عليهالسلام) وانه كان على الدين الحنيف مسلما لله عزوجل كما نبه عليه عزوجل في الآيات اللاحقة.
قوله تعالى : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ).
تثبيت لتكذيبهم واظهار لجهلهم ، وانما أتى سبحانه باسم الإشارة إما للتحقير والتنقيص ، أو لبيان ان الخطاب والتوبيخ انما يكون إليكم وفي انفسكم دون اسلافكم ، أو لأن المحاجة كانت بينهم وفي أنفسهم لا بينهم وبين المسلمين وإلا كان المسلمون طرفا في المحاجة الباطلة.
والمعنى : انكم حاججتم وتنازعتم في امور معلومة البطلان لديكم بالوجدان : منها : ما حكاه عزوجل آنفا عنهم وهو محاجتهم في كون ابراهيم (عليهالسلام) يهوديا أو نصرانيا مع علمهم بانه على الدين الحق وان المتقدم لا يكون تابعا للمتأخر بل هو منبعث عن الاول وقد غالوا