بالمادة ، أو إيقاع الرعب في قلبه ، ففي كل ذلك قطع للطرف واذهاب للشوكة.
الحادي عشر : إن في وقوع جملة (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) المستأنفة الواقعة بين جملتين مرتبطتين فيها من الحكم الكثيرة ما لا يخفى فمنها انها تكون لأجل التهويل وتعظيم الموضوع ، والتسلية للنبي العظيم (صلىاللهعليهوآله) بما جرى على اهله وعشيرته من القتل والأسر ، وتسكينا لأقاويل المنافقين لما كثرت حيث قالوا لو كان نبيا لما كسرت رباعيته ولا شج وجهه ، ومنها دفع توهم الغلو فيه (صلىاللهعليهوآله) نظير قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) الأنفال ـ ١٧ وجلبا لقلوب المؤمنين ، ومنها توطئة لذكر التوبة بعد ذلك لئلا يستوحش المسلمون من قبول توبتهم ؛ فإنها من الله تعالى ويكون التوفيق لتوبتهم منه تعالى أيضا ، مضافا الى أن لهذه الجملة من التأثير المعنوي في ساحة القتال والوغى على النفوس ما لم يكن للسلاح وغيره ، وهي تؤثر في الروح المعنوية وتشدها وتقويها في حالة يكون المحاربون بأشد الحاجة إليها ، وغير ذلك من الحكم الكثيرة وقد جرت عادة الفصحاء والبلغاء على ذكر جملة مستأنفة بين جمل مترابطة يشد بعضها مع بعض وحدة كلامية اهتماما بالموضوع.
الثاني عشر : ان قوله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) بملاحظة سائر الآيات المباركة يدل على أن المنفي هو بعض مراتب القضاء والقدر ، والا فان امر التشريع وجعل الاحكام مفوض اليه فانه (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) النجم ـ ٤ فلا يصح لأحد ان يتمسك بهذه الآية الشريفة وينفي بعض الأمور عنه (صلىاللهعليهوآله) باعتبار انه ليس له من الأمر شي.