قال تعالى : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) غافر ـ ١٩. وتتضمن هذه الجملة العتاب مع الدلال وهو من أجمل الاساليب وابدعها كما في قوله تعالى : (وَاللهُ وَلِيُّهُما) فان العتاب فيه ظاهر أي لأي شيء صدر منكم الهم بالفشل مع ان الله تعالى معكم يحفظكم ويرعى مصالحكم.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) العفو عن ما صدر عنهم من الهم بالفشل وان ذلك يزول فتستقر النفوس ويثبت المؤمنون في أمورهم بالتوكل على الله تعالى ، وإن من حق الايمان بالله تعالى هو التوكل عليه وهو يكفى المؤمنين.
وحذف المتعلق في التوكل للدلالة على أن المؤمن ينبغي ان يتوكل عليه في جميع أموره وشئونه جليلها وحقيرها سهلها وصعبها.
السادس : يستفاد من قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) بقرينة الحال هي الانقطاع التام عن المخلوق وعالم المادة والتوجه الكامل إلى عالم الغيب ، وحينئذ يقع نصر الله تعالى لا محالة ، فان المستفاد من مجموع الآيات المباركة الواردة في نصرة الله للمؤمنين في مواضع مختلفة ان المناط كله هو تحقق هذه الحالة الانقطاعية الى الله عزوجل ، وكل من حصلت له هذه الحالة فهو من اصحاب بدر الذين أبلوا البلاء الحسن في نصرة دين الله تعالى وبذلوا مهجهم في سبيله عزوجل ، فسلام عليكم يا اهل بدر فقد فضلتم على بدر السماء لأنكم أنوار الهدى واصحاب محمد المصطفى ، فلا ينسى مناركم ، ويرتجى مقامكم ابدا ، وفيكم يدوي صوت رسول الله (صلىاللهعليهوآله) في الآفاق : «زملوهم بدمائهم فإنهم يحشرون يوم القيامة وتشخب أوداجهم دما» واحمرار الشمس حين طلوعها وغروبها من شواهد بقاء حياتكم الابدية ورمز سعادتكم السرمدية.