قائمة الکتاب
إعدادات
مواهب الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٦ ]
مواهب الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٦ ]
المؤلف :آية الله السيّد عبد الأعلى السبزواري
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :مؤسسة أهل البيت (ع)
الصفحات :458
تحمیل
ان هذا التهويل والتخويف يستفاد من لفظ العذاب المعهود الموصوف بالعظمة.
وكيف كان ففي قوله تعالى : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) التفات لغرض التوبيخ والتقريع. وانما قدم عزوجل جزاء الظالمين لمجاورته لقوله تعالى : (تَسْوَدُّ وُجُوهٌ) وتوبيخا لهم وتشنيعا لفعلهم ، مع انه عزوجل ابتدأ بذكر اصل الثواب واختتم بجزاء المفلحين ليكون الابتداء والاختتام بما يشرح الصدر ويسر الطبع ، وللاعلام بأن رحمته سبقت غضبه. وحقيقة هذا الخطاب عامة بالنسبة إلى الدنيا والآخرة.
والمراد بالإيمان الظاهري منه أي الذين آمنوا به كما ان المراد بالكفر ترك الاعتصام بحبل الله فتفرقوا واختلفوا وبدّلوا دين الله تعالى وهتكوا حرماته فكفروا بأنعم الله وحينئذ لا تختص الآية الشريفة بطائفة خاصة كما قيل بل تعم جميع من آمن صورة وترك العمل بما آمن به وكفر بأنعمه عزوجل.
قوله تعالى : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
انما اطلق عزوجل العذاب ولم يصفه بأمر تعظيما له وتهويلا ، والأمر للاهانة ، والفاء للإيذان بان العذاب مترتب على الكفر كما يدل عليه ذيل الآية الشريفة (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) والباء للسببية.
وانما جمع عزوجل الفعل الماضي والمستقبل للدلالة على استمرارهم على الكفر وكأنه صار طبعهم وبذلك استحقوا الجزاء الأليم وان ذلك العذاب جزاء أعمالهم اختاروه بسوء أعمالهم.
قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
الرحمة عامة شاملة لجميع مواهبه تعالى وإفاضاته بالنسبة إلى عباده