بحث فلسفي
المعبود الحقيقي لا يعقل التعدد فيه بوجه من الوجوه ، لأنه عبارة عن الكمال المطلق المسلوب عنه جميع النواقص الواقعية والإدراكية ، وهو الربوبية العظمى بالنسبة إلى جميع الموجودات تدبيرا وعلما وحكمة فلا يعقل التعدد في مثل هذه الحقيقة ، لأن التعدد فيها نقص ، والمفروض انتفاء جميع النواقص عنه. وقد أكد سبحانه وتعالى وحدته مطلقا في مواضع كثيرة من القرآن الكريم ببراهين متعددة ، وهو أساس نظام الشرائع السماوية ، وجميع ما افتعل في التعدد انما حصل من مغالطات الوهم والآية الشريفة بأسلوبها الواضح المتين تبين امتناع التعدد في المعبود ببراهين ثلاثة ذكرناها في البحث الدلالي ، والمعروف بين الفلاسفة أن بسيط الحقيقة من كل حيثية وجهة لا يعقل الاثنينية والتغاير فيه ، لأنه خلف لفرض البساطة ، لأن معنى بساطته من كل جهة انه مع الكل ، قال تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) الحديد ـ ٤ وقال تعالى : (نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ق ـ ١٦. فكل فرض اثنينية يكون خلاف للمعية المطلقة ، ولا يعني بالمعية الحلول الذي يدعيه النصارى ، ولا وحدة الوجود والموجود التي يذهب إليها بعض المتصوفة ، بل المعية القيومية ، كما فسرها علي (عليهالسلام) بقوله : «خارج عن الأشياء لا بالمغايرة والمزايلة ، وداخل في الأشياء لا بالممازجة» فهو الحي القيوم باحاطة قيومية على جميع ما سواه ، وفي