المدينة. وقال الأخفش : قد سمعناه في البلدان ، قالوا : آل المدينة. واختلفوا هل يضاف إلى المضمر أم لا ، فمنعه قوم وسوّغه آخرون وهو الحق ، ومنه قول عبد المطلب :
وانصر على آل الصّلي |
|
ب وعابديه اليوم آلك |
وفرعون : قيل هو اسم ذلك الملك بعينه ، وقيل إنه اسم لكل ملك من ملوك العمالقة ، كما يسمى من ملك الفرس : كسرى ، ومن ملك الروم : قيصر ، ومن ملك الحبشة النجاشيّ. واسم فرعون موسى المذكور هنا : قابوس في قول أهل الكتاب. وقال وهب : اسمه الوليد بن مصعب بن الريان. قال المسعودي : لا يعرف لفرعون تفسير بالعربية. وقال الجوهري : إن كل عات يقال له فرعون ، وقد تفرعن وهو ذو فرعنة : أي دهاء ومكر. وقال في الكشاف : تفرعن فلان : إذا عتا وتجبر. ومعنى قوله : (يَسُومُونَكُمْ) يولونكم ، قاله أبو عبيدة ؛ وقيل يذيقونكم ويلزمونكم إياه ، وأصل السوم : الدوام ، ومنه سائمة الغنم لمداومتها الرعي ، ويقال : سامه خطة خسف : إذا أولاه إياها. وقال في الكشاف : أصله من سام السلعة إذا طلبها ، كأنه بمعنى : يبغونكم سوء العذاب ويريدونكم عليه. انتهى. وسوء العذاب : أشدّه ، وهو صفة مصدر محذوف ؛ أي يسومونكم سوما سوء العذاب ، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا ، وهذه الجملة في محل رفع على أنها خبر لمبتدأ مقدّر ، ويجوز أن يكون في محل نصب على الحال : أي سائمين لكم. وقوله (يُذَبِّحُونَ) وما بعده بدل من قوله : (يَسُومُونَكُمْ) وقال الفراء : إنه تفسير لما قبله ، وقرأه الجماعة بالتشديد ، وقرأ ابن محيصن بالتخفيف. والذبح في الأصل : الشقّ ، وهو فري أوداج المذبوح ، والمراد بقوله تعالى : (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) يتركونهن أحياء ليستخدموهنّ ويمتهنوهنّ ؛ وإنما أمر بذبح الأبناء واستحياء البنات لأن الكهنة أخبروه بأنه مولود يكون هلاكه على يده ، وعبر عن البنات باسم النساء لأنه جنس يصدق على البنات. وقالت طائفة : أنه أمر بذبح الرجال واستدلوا بقوله : (نِساءَكُمْ) والأوّل أصح بشهادة السبب ، ولا يخفى ما في قتل الأبناء واستحياء البنات للخدمة ونحوها من إنزال الذلّ بهم وإلصاق الإهانة الشديدة بجميعهم لما في ذلك من العار. والإشارة بقوله : (وَفِي ذلِكُمْ) إلى جملة الأمر. والبلاء يطلق تارة على الخير ، وتارة على الشرّ ، فإن أريد به هنا الشر كانت الإشارة بقوله : (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ) إلى ما حلّ بهم من النقمة بالذبح ونحوه ، وإن أريد به الخير كانت الإشارة إلى النعمة التي أنعم الله عليهم بالإنجاء وما هو مذكور قبله من تفضيلهم على العالمين. وقد اختلف السلف ومن بعدهم في مرجع الإشارة ، فرجّح الجمهور الأوّل ، ورجح الآخرون الآخر. قال ابن جرير : وأكثر ما يقال في الشرّ بلوته أبلوه بلاء ، وفي الخير أبليه إبلاء وبلاء ، قال زهير :
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم |
|
وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو |
قال : فجمع بين اللغتين ، لأنه أراد فأنعم عليهما خير النعم التي يختبر بها عباده. وقوله : (وَإِذْ فَرَقْنا) متعلق بما تقدم من قوله : (اذْكُرُوا) وفرقنا : فلقنا ؛ وأصل الفرق الفصل ، ومنه فرق الشعر ، وقرأ الزهري : فرقنا بالتشديد. والباء في قوله : (بِكُمُ) قيل : هي بمعنى اللام : أي لكم ، وقيل : هي