أحمد والنسائي وابن حبان ، عن صهيب ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «وكانوا : يعني الأنبياء ، يفزعون إذا فزعوا إلى الصّلاة». وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن أبي الدرداء مرفوعا نحو حديث حذيفة. وأخرج سعيد ابن منصور وابن المنذر والحاكم ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عباس أنه كان في مسير له ، فنعي إليه ابن له ، فنزل فصلّى ركعتين ، ثم استرجع فقال : فعلنا كما أمرنا الله فقال (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) وقد روى عنه نحو ذلك سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي لما نعي إليه أخوه قثم. وقد روي نحو ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ) قال : لثقيلة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) قال : المؤمنين حقا. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله : (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) قال : الخائفين. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كل ظنّ في القرآن فهو يقين. ولا يتم هذا في مثل قوله ب (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) وقوله : (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ولعله يريد الظن المتعلق بأمور الآخرة كما رواه ابن جرير عن قتادة قال : ما كان من ظن الآخرة فهو علم. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله (وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) قال : يستيقنون أنهم يرجعون إليه يوم القيامة.
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨) وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩) وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠))
قوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) قد تقدم تفسيره ، وإنما كرر ذلك سبحانه توكيدا للحجة عليهم وتحذيرا لهم من ترك اتباع محمد صلىاللهعليهوسلم ، ثم قرنه بالوعيد وهو قوله : (وَاتَّقُوا يَوْماً) وقوله : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ) معطوف على مفعول اذكروا : أي اذكروا نعمتي وتفضيلي لكم على العالمين ، قيل : المراد بالعالمين عالم زمانهم ، وقيل : على جميع العالمين بما جعل فيهم من الأنبياء. وقال في الكشاف : على الجمّ الغفير من الناس كقوله : (بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) (١) يقال : رأيت عالما من الناس ؛ يراد الكثرة انتهى. قال الرازي في تفسيره : وهذا ضعيف ، لأن لفظ العالم مشتق من العلم وهو الدليل ، وكل ما كان دليلا على الله كان علما وكان من العالم. وهذا تحقيق قول المتكلمين : العالم كل موجود سوى الله. وعلى هذا لا يمكن تخصيص لفظ العالم ببعض المحدثات. انتهى. وأقول : هذا الاعتراض ساقط ، أما أوّلا فدعوى اشتقاقه من العلم لا برهان عليه ، وأما ثانيا : فلو سلّمنا صحة هذا الاشتقاق كان المعنى موجودا بما يتحصل معه مفهوم الدليل على الله الذي يصح إطلاق اسم العلم عليه ، وهو كائن في كل فرد من أفراد المخلوقات التي يستدلّ بها على الخالق ، وغايته أن جمع العالم يستلزم أن يكونوا مفضلين على أفراد كثيرة من المحدثات ؛ وأما أنهم مفضلون
__________________
(١). الأنبياء : ٧١.