وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت ليلة أسري بي رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، كلّما قرضت رجعت ، فقلت لجبريل : من هؤلاء؟ قال : هؤلاء خطباء من أمتك كانوا يأمرون النّاس بالبرّ وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون». وثبت في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النّار ، فتندلق به أقتابه فيدور بها كما يدور الحمار برحاه ، فيطيف به أهل النّار فيقولون : يا فلان ما لك ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه» وفي الباب أحاديث منها عن جابر مرفوعا عن الخطيب وابن النجار ، وعن الوليد بن عقبة مرفوعا عند الطبراني والخطيب بسند ضعيف وعند عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عنه موقوفا ، ومعناها جميعا : أنه يطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون لهم : بم دخلتم النار وإنما دخلنا الجنة بتعليمكم؟ قالوا : إنا كنا نأمركم ولا نفعل. وأخرج الطبراني ، والخطيب في الاقتضاء ، والأصبهاني في الترغيب بسند جيد عن جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مثل العالم الذي يعلّم النّاس الخير ولا يعمل به كمثل السّراج يضيء للنّاس ويحرق نفسه». وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عنه نحوه. وأخرج الطبراني ، والخطيب في الاقتضاء ، عن أبي برزة مرفوعا نحوه. وأخرج ابن قانع في معجمه ، والخطيب في الاقتضاء ، عن سليك مرفوعا نحوه. وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : «ويل للذي لا يعلم مرة ولو شاء الله لعلّمه ، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات». وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن مسعود مثله ، وما أحسن ما أخرجه ابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان ، وابن عساكر ، عن ابن عباس أنه جاءه رجل فقال : يا ابن عباس إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، قال : أو بلغت ذلك؟ قال : أرجو ، قال : فإن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف في كتاب الله فافعل ، قال : وما هنّ؟ قال : قوله عزوجل : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) (١) أحكمت هذه الآية؟ قال : لا ، قال : فالحرف الثاني ، قال : قوله تعالى (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ـ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) (٢) أحكمت هذه الآية؟ قال : لا ، قال : فالحرف الثالث ، قال : قول العبد الصالح شعيب : (ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) (٣) أحكمت هذه الآية؟ قال : لا ، قال : فابدأ بنفسك. وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله تعالى : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) قال : إنهما معونتان من الله فاستعينوا بهما. وقد أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر ، وأبو الشيخ في الثواب ، والديلمي في مسند الفردوس ، عن عليّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الصبر ثلاثة : فصبر على المصيبة ، وصبر على الطاعة ، وصبر عن المعصية». وقد وردت أحاديث كثيرة في مدح الصبر والترغيب فيه والجزاء للصابرين ، ولم نذكرها هنا ، لأنها ليست بخاصة بهذه الآية ، بل هي واردة في مطلق الصبر. وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور هاهنا منها شطرا صالحا ، وفي الكتاب العزيز من الثناء على ذلك والترغيب فيه الكثير الطيب. وأخرج أحمد وأبو داود وابن جرير عن حذيفة قال : كان النبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. وأخرج
__________________
(١). البقرة : ٤٤.
(٢). الصف : ٢ ـ ٣.
(٣). هود : ٨٨.