إلا السبع فنقتصر على ذلك ، ولا نعمل بالزيادة إلا إذا جاءت من طريق الشرع ولم يأت شيء من ذلك ، وإنما أثبت لنفسه سبحانه أنه بكل شيء عليم ، لأنه يجب أن يكون عالما بجميع ما ثبت أنه خالقه. وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) قال : سخّر لكم ما في الأرض جميعا كرامة من الله ونعمة لابن آدم وبلغة ومنفعة إلى أجل. وأخرج عبد الرزاق وعبد ابن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، عن مجاهد في قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) قال : سخر لكم ما في الأرض جميعا (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) قال : خلق الأرض قبل السماء ، فلما خلق الأرض ثار منها دخان فذلك قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) يقول : خلق سبع سماوات بعضهنّ فوق بعض ، وسبع أرضين بعضهنّ فوق بعض وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة في قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) الآية ، قالوا : إن الله كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا قبل الماء ، فلما أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما عليه ، فسمّاه سماء ثم انبسّ الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها سبع أرضين في يومين : الأحد والإثنين ، فخلق الأرض على حوت وهو الذي ذكره في قوله : (ن وَالْقَلَمِ) والحوت في الماء ، والماء على ظهر صفاة ، والصفاة على ظهر ملك ، والملك على صخرة والصخرة في الريح ، وهي الصخرة التي ذكر لقمان ليست في السماء ولا في الأرض ، فتحرّك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض ، فأرسى عليها الجبال فقرّت ، فذلك قوله تعالى : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (١) وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها ، وسخرها وما ينبغي لها في يومين ، في الثلاثاء والأربعاء وذلك قوله : (أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ) (٢) إلى قوله : (وَبارَكَ فِيها) يقول : أنبت شجرها (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) (٣) يقول : أقوات أهلها (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) (٤) يقول : من سأل فهكذا الأمر ، (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) (٥) وكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع سماوات في يومين في الخميس والجمعة ؛ وإنما سمى يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السماوات والأرض (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) (٦) قال : خلق في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد وما لا يعلم ، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب فجعلها زينة وحفظا من الشياطين ، فلما فرغ من خلق ما أحبّ استوى على العرش. وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) يعني صعد أمره إلى السماء فسواهنّ : يعني خلق سبع سماوات ، قال : أجرى النار على الماء فبخر البحر فصعد في الهواء فجعل السماوات منه. وقد ثبت عن النبي صلىاللهعليهوسلم من حديث أبي هريرة في الصحيح قال : «أخذ النبيّ صلىاللهعليهوسلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشّجر يوم الإثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النّور يوم الأربعاء ، وبثّ فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم يوم الجمعة بعد العصر». وقد ثبت عن النبي صلىاللهعليهوسلم من طرق عند أهل السنن وغيرهم عن جماعة من الصحابة أحاديث في وصف السماوات ، وأن غلظ كل سماء مسيرة خمسمائة
__________________
(١). النحل : ١٥.
(٢). فصلت : ٩.
(٣). فصلت : ١٠.
(٤). فصلت : ١٠.
(٥). فصلت : ١١.
(٦). فصلت : ١٢.