عام ، وما بين كل سماء إلى سماء خمسمائة عام ، وأنها سبع سماوات ، وأن الأرض سبع أرضين ، وكذلك ثبت في وصف السماء آثار عن جماعة من الصحابة. وقد ذكر السيوطي في الدرّ المنثور بعض ذلك في تفسير هذه الآية ، وإنما تركنا ذكره هاهنا لكونه غير متعلق بهذه الآية على الخصوص ، بل هو متعلق بما هو أعمّ منها.
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٠))
(إِذْ) من الظروف الموضوعة للتوقيت وهي للماضي ، وإذا للمستقبل ، وقد توضع إحداهما موضع الأخرى. وقال المبرّد : هي مع المستقبل للمضيّ وإذا مع الماضي للاستقبال. وقال أبو عبيدة : إنها هنا زائدة. وحكاه الزجاج وابن النحاس وقالا : هي ظرف زمان ليست مما يزاد ، وهي هنا في موضع نصب بتقدير اذكر أو بقالوا ؛ وقيل هو متعلق بخلق لكم ، وليس بظاهر ، والملائكة جمع ملك بوزن فعل ، قاله ابن كيسان ، وقيل : جمع ملأك ، بوزن مفعل قاله أبو عبيدة ، من لأك : إذا أرسل ، والألوكة : الرسالة. قال لبيد :
وغلام أرسلته أمّه |
|
بألوك فبذلنا ما سأل |
وقال عديّ بن زيد :
أبلغ النّعمان عنّي مالكا |
|
أنه (١) قد طال حبسي وانتظاري |
ويقال ألكني : أي أرسلني. وقال النضر بن شميل : لا اشتقاق لملك عند العرب ، والهاء في الملائكة تأكيد لتأنيث الجمع ، ومثله الصلادمة ، والصلادم : الخيل الشداد واحدها صلدم. وقيل : هي للمبالغة كعلامة ونسابة و (جاعِلٌ) هنا من جعل المتعدي إلى مفعولين. وذكر المطرزي أنه بمعنى خالق ، وذلك يقتضي أنه متعدّ إلى مفعول واحد ، و (الْأَرْضِ) هنا : هي هذه الغبراء ، ولا يختص ذلك بمكان دون مكان. وقيل إنها مكة. والخليفة هنا معناه الخالف لمن كان قبله من الملائكة ، ويجوز أن يكون بمعنى المخلوف : أي يخلفه غيره ؛ قيل هو آدم ؛ وقيل كل من له خلافة في الأرض ، ويقوي الأوّل قوله خليفة دون خلائف ، واستغنى بآدم عن ذكر من بعده ، قيل : خاطب الله الملائكة بهذا الخطاب لا للمشورة ، ولكن لاستخراج ما عندهم ؛ وقيل : خاطبهم بذلك لأجل أن يصدر منهم ذلك السؤال فيجابون بذلك الجواب ؛ وقيل : لأجل تعليم عباده مشروعية المشاورة لهم. وأما قولهم : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) فظاهره أنهم استنكروا استخلاف بني آدم في الأرض ؛ لكونهم مظنة للإفساد في الأرض ؛ وإنما قالوا هذه المقالة قبل أن يتقدم لهم معرفة ببني آدم ، بل قبل وجود آدم فضلا عن ذريته ، لعلم قد علموه من الله سبحانه بوجه من الوجوه لأنهم لا يعلمون الغيب ؛ قال بهذا جماعة من المفسرين. وقال بعض المفسرين : إن في الكلام حذفا ، والتقدير : إني جاعل في الأرض
__________________
(١). يروى «إنني».