تجري أسفلها أنهارها. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً) قال : أتوا بالثمرة في الجنة فنظروا إليها (قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) في الدنيا (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) في اللون والمرأى ، وليس يشبه الطعم. وأخرج عبد بن حميد عن عليّ بن زيد وقتادة نحوه. وأخرج مسدّد في مسنده وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ليس في الدنيا مما في الجنة شيء إلا الأسماء. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : قولهم : (من قبل) معناه : هذا مثل الذي كان بالأمس. وأخرج ابن جرير عن يحيى بن أبي كثير نحوه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال (مُتَشابِهاً) في اللون مختلفا في الطعم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله : (مُتَشابِهاً) قال : خيار كلّه ، يشبه بعضه بعضا لا رذل فيه ، ألم تروا إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج الحاكم وصحّحه وابن مردويه ، عن أبي سعيد ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في قوله : (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) قال : من الحيض والغائط والبزاق والنخامة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : من القذر والأذى. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنخّمن. وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين. وقد ثبت عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في صفات أهل الجنة في الصحيحين وغيرهما من طريق جماعة من الصحابة أن أهل الجنة لا يبصقون ولا يتمخطون ولا يتغوّطون. وثبت أيضا عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما من صفات نساء أهل الجنة ما لا يتسع المقام لبسطه ، فلينظر في دواوين الإسلام وغيرها. وأخرج ابن جرير وابن إسحاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) أي خالدون أبدا ، يخبرهم أن الثواب بالخير والشرّ مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) يعني لا يموتون. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما ، عن ابن عمر ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يدخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار ، ثم يقوم مؤذّن بينهم : يا أهل النّار لا موت ، ويا أهل الجنّة لا موت ، كلّ هو خالد فيما هو فيه». وأخرج البخاري من حديث أبي هريرة نحوه. وأخرج الطبراني والحاكم وصحّحه من حديث معاذ نحوه. وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم من حديث ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو قيل لأهل النّار إنّكم ماكثون في النّار عدد كلّ حصاة في الدنيا لفرحوا بها ، ولو قيل لأهل الجنّة إنّكم ماكثون عدد كلّ حصاة لحزنوا ، ولكن جعل لهم الأبد».
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٢٧))
أنزل الله هذه الآية ردّا على الكفار لما أنكروا ما ضربه سبحانه من الأمثال كقوله : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي