جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) قال : مثل القرآن (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ) قال : ناس يشهدون لكم إذا أتيتم بها أنها مثله. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (شُهَداءَكُمْ) قال : أعوانكم على ما أنتم عليه (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) فقد بين لكم الحق. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) يقول : لن تقدروا على ذلك ولن تطيقوه. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه كان يقرأ كل شيء في القرآن وقودها برفع الواو الأولى ، إلا التي في السماء ذات البروج (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) (١) بنصب الواو. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : إن الحجارة التي ذكرها الله في القرآن في قوله : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) حجارة من كبريت خلقها الله عنده كيف شاء. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن جرير أيضا عن عمرو بن ميمون مثله أيضا. وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) وقال : أوقد عليها ألف عام حتّى احمرّت ، وألف عام حتّى ابيضّت ، وألف عام حتّى اسودّت ، فهي سوداء مظلمة لا يطفأ لهبها». وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا مثله. وأخرج أحمد ومالك والبخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنّم ، قالوا : يا رسول الله! إن كانت لكافية؟ قال فإنّها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلّهنّ مثل حرّها». وأخرج الترمذي وحسّنه ، عن أبي سعيد مرفوعا نحوه. وأخرج ابن ماجة والحاكم وصحّحه عن أنس مرفوعا نحوه أيضا. وأخرج مالك في الموطأ ، والبيهقي في البعث ، عن أبي هريرة قال : أترونها حمراء مثل ناركم هذه التي توقدون ، إنها لأشد سوادا من القار. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) قال : أي لمن كان مثل ما أنتم عليه من الكفر.
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥))
لما ذكر تعالى جزاء الكافرين عقّب بجزاء المؤمنين ، ليجمع بين الترغيب والترهيب والوعد والوعيد ، كما هي عادته سبحانه في كتابه العزيز ، لما في ذلك من تنشيط عباده المؤمنين لطاعاته ، وتثبيط عباده الكافرين عن معاصيه. والتبشير : الإخبار بما يظهر أثره على البشرة ، وهي الجلدة الظاهرة ، من البشر والسرور. قال القرطبي : أجمع العلماء على أن المكلف إذا قال : من بشّرني من عبيدي فهو حرّ فبشّره واحد من عبيده فأكثر ، فإن أوّلهم يكون حرّا دون الثاني ، واختلفوا إذا قال : من أخبرني من عبيدي بكذا فهو حرّ ، فقال أصحاب الشافعي : يعمّ ؛ لأن كل واحد منهم مخبر ، وقال علماؤنا : لا ، لأن المكلف إنما قصد خبرا يكون بشارة ،
__________________
(١). البروج : ٥.