قال : يقول انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ، ثم حرّم ما حرّم من النسب والصهر ، ثم قال : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) فرجع إلى أول السورة فقال : هنّ حرام أيضا ، إلا لمن نكح بصداق وسنة وشهود. وأخرج عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير عن عبيدة قال : أحلّ الله لك أربعا في أوّل السورة ، وحرّم نكاح كل محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «الإحصان إحصانان : إحصان نكاح ، وإحصان عفاف» فمن قرأها : والمحصنات بكسر الصاد ، فهن العفائف ، ومن قرأها : والمحصنات بالفتح ، فهنّ المتزوجات. قال ابن أبي حاتم : قال أبي : هذا حديث منكر. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) قال : ما وراء هذا النسب. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدّيّ قال : ما دون الأربع. وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : ما وراء ذات القرابة. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) قال : ما ملكت أيمانكم. وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني نحوه. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) قال : غير زانين. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) يقول : إذا تزوج الرجل منكم المرأة ثم نكحها مرة واحدة فقد وجب صداقها كله ، والاستمتاع : هو النكاح ، وهو قوله : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَ). وأخرج الطبراني ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كانت المتعة في أوّل الإسلام ، وكانوا يقرءون هذه الآية (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) إلى أجل مسمّى الآية ، فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج بقدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته ، ليحفظ متاعه ويصلح شأنه. حتى نزلت هذه الآية : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) فنسخت الأولى ، فحرّمت المتعة ، وتصديقها من القرآن : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (١) وما سوى هذا الفرج فهو حرام.
وقد أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن الأنباري في المصاحف ، والحاكم ، وصححه. أنّ ابن عباس قرأ : فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن أبي بن كعب أنه قرأها كذلك. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد ، أن هذه الآية في نكاح المتعة ، وكذلك أخرج ابن جرير عن السدي. والأحاديث في تحليل المتعة ثم تحريمها ، وهل كان نسخها مرة أو مرتين؟ مذكورة في كتب الحديث. وقد أخرج ابن جرير في تهذيبه ، وابن المنذر ، والطبراني ، والبيهقي عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : ماذا صنعت؟ ذهبت الركاب بفتياك ، وقالت فيها الشعراء ، قال : وما قالوا؟ قلت : قالوا :
أقول للشيخ لمّا طال مجلسه |
|
يا صاح هل لك في فتيا ابن عبّاس |
هل لك في رخصة الأعطاف آنسة |
|
تكون مثواك حتّى مصدر النّاس (٢) |
__________________
(١). المؤمنون : ٦.
(٢). البيتان في القرطبي (٥ / ١٣٣) :