الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالته والنبوّة ، قال : هم كذلك ويحقّ لهم ،
وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها؟ قالوا : يا رسول الله!
الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء ، قال : هم كذلك ، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله
بالشهادة؟ قالوا : فمن يا رسول الله؟! قال : أقوام في أصلاب الرّجال يأتون من بعدي
يؤمنون بي ولم يروني ويصدّقوني ولم يروني ، يجدون الورق المعلّق فيعملون بما فيه ،
فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا» في إسناده محمد بن أبي حميد وفيه ضعف ، وأخرج
الحسن بن عرفة في جزئه المشهور ، والبيهقي في الدلائل ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جدّه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فذكر نحو الحديث الأول ، وفي إسناده المغيرة بن قيس
البصري وهو منكر الحديث. وأخرج نحوه الطبراني عن ابن عباس مرفوعا ، والإسماعيلي عن
أبي هريرة مرفوعا أيضا ، والبزّار عن أنس مرفوعا. وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده عن
عوف ابن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا ليتني قد لقيت إخواني. قالوا : يا رسول الله!
ألسنا إخوانك؟ قال : بلى ، ولكن قوم يجيئون من بعدكم يؤمنون بي إيمانكم ويصدّقوني
تصديقكم وينصروني نصركم ، فيا ليتني قد لقيت إخواني» وأخرج نحوه ابن عساكر في
الأربعين السباعية من حديث أنس ، وفي إسناده أبو هدبة وهو كذاب ، وزاد فيه «ثم قرأ
النبي صلىاللهعليهوسلم (الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) الآية». وأخرج أحمد والدارمي والباوردي وابن قانع معا
في معجم الصحابة ، والبخاري في تاريخه ، والطبراني ، والحاكم ، عن أبي جمعة
الأنصاري قال : «قلت : يا رسول الله! هل من قوم أعظم منا أجرا ، آمنّا بك
واتّبعناك؟ قال : ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء؟
بل قوم يأتون من بعدكم يأتيهم كتاب الله بين لوحين ، فيؤمنون بي ويعملون بما فيه ،
أولئك أعظم منكم أجرا». وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والحاكم عن أبي عبد الرحمن
الجهني قال : «بينما نحن عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ طلع راكبان ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كنديّان أو مذحجيّان. حتى أتيا ، فإذا رجلان من مذحج
، فدنا أحدهما ليبايعه ، فلمّا أخذ بيده قال : يا رسول الله أرأيت من جاءك فآمن بك
واتّبعك وصدّقك ، فماذا له؟ قال : طوبى له. فمسح على زنده وانصرف ، ثم جاء الآخر
حتى أخذ بيده ليبايعه فقال : يا رسول الله أرأيت من آمن بك وصدّقك واتّبعك ولم يرك؟
قال : طوبى له ثم طوبى له ، ثم مسح على زنده وانصرف». وأخرج الطيالسي وأحمد
والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «طوبى لمن رآني وآمن بي ، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني
، سبع مرات». وأخرج أحمد وابن حبان عن أبي سعيد «أن رجلا قال : يا رسول الله! طوبى
لمن رآك وآمن بك؟ قال : طوبى لمن رآني وآمن بي ، وطوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي
ولم يرني» وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد عن ابن عمر نحوه. وأخرج أحمد وأبو يعلى
والطبراني من حديث أنس نحو حديث أبي أمامة الباهلي المتقدّم. وأخرج سفيان بن عيينة
وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في مسنده ، وابن أبي حاتم وابن الضباري والحاكم
وصحّحه عن ابن مسعود أنه قال : والذي لا إله غيره ما آمن أحد أفضل من إيمان بغيب ،
ثم قرأ (الم ـ ذلِكَ
الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) إلى قوله : (الْمُفْلِحُونَ) . وللتابعين أقوال ، والراجح ما تقدّم من أن الإيمان
الشرعي يصدق على جميع ما ذكر هنا.
__________________