بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) قال : قالت اليهود : ليس علينا فيما أصبنا من مال العرب سبيل. وأخرج ابن جرير عن السدّي نحوه. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «كذب أعداء الله ، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدميّ هاتين ، إلا الأمانة فإنها مؤدّاة إلى البرّ والفاجر». وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن صعصعة : أنه سأل ابن عباس فقال : إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ، قال ابن عباس : فتقولون ماذا؟ قال : نقول ليس علينا في ذلك من بأس ، قال : هذا كما قال أهل الكتاب : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) إنهم إذا أدّوا الجزية لم تحلّ لكم إلا بطيب نفوسهم. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى) يقول : اتقى الشرك (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) يقول : الذين يتقون الشرك. وأخرج البخاري ، ومسلم ، وأهل السنن ، وغيرهم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان». فقال الأشعث بن قيس : فيّ والله كان ذلك ، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني ، فقدّمته إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألك بينة؟ قلت لا ، قال لليهودي : احلف ، فقلت : يا رسول الله! إذن يحلف فيذهب مالي ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) إلى آخر الآية». وقد روي : أن سبب نزول الآية : أن رجلا كان يحلف بالسوق : لقد أعطي بسلعته ما لم يعط بها. وأخرجه البخاري وغيره. وروي أن سبب نزولها : مخاصمة كانت بين الأشعث وامرئ القيس ورجل من حضرموت. وأخرجه النسائي وغيره.
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨))
أي : طائفة من اليهود يلوون ، أي : يحرّفون ويعدلون به عن القصد ، وأصل الليّ : الميل ، يقول لوى برأسه : إذا أماله. وقرئ : يلوّون بالتشديد ، ويلون بقلب الواو همزة ، ثم تخفيفها بالحذف ، والضمير في قوله : (لِتَحْسَبُوهُ) يعود إلى ما دل عليه (يَلْوُونَ) وهو المحرف الذي جاءوا به. قوله : (وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ) جملة حالية ، وكذلك قوله : (وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) وكذلك قوله : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أي : أنهم كاذبون مفترون.
وقد أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ) قال : هم اليهود ، كانوا يزيدون في الكتاب ما لم ينزل الله. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : يحرّفونه.
(ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ