لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ) إلى قوله : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) وقد روي نحو هذا عن جماعة من السلف. وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والضياء في المختارة من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس في قوله : (وَقالَتْ طائِفَةٌ) الآية ، قال : كانوا يكونون معهم أول النهار ، ويجالسونهم ، ويكلمونهم ، فإذا أمسوا وحضرت الصلاة كفروا به وتركوه. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة في قوله : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) قال : هذا قول بعضهم لبعض. وأخرج ابن جرير عن الربيع مثله. وأخرج أيضا عن السدي نحوه. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن مجاهد : (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) حسدا من يهود أن تكون النبوة في غيرهم ، وإرادة أن يتابعوا على دينهم. وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن أبي مالك وسعيد بن جبير : (أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) قال : أمة محمد صلىاللهعليهوسلم. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدي قال الله لمحمد صلىاللهعليهوسلم : (إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) يا أمة محمد (أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) يقول اليهود : فعل الله بنا كذا وكذا من الكرامة ، حتى أنزل علينا المنّ والسلوى ، فإن الذي أعطيتكم أفضل فقولوا : (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ). وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) يقول : لما أنزل الله كتابا مثل كتابكم ، وبعث نبيا كنبيكم حسدتموه على ذلك (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ). وأخرج ابن جرير عن الربيع مثله. وأخرج ابن جرير عن ابن جريج (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ) يقول : هذا الأمر الذي أنتم عليه (مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) قال : قال بعضهم لبعض : لا تخبروهم بما بين الله لكم في كتابه (لِيُحَاجُّوكُمْ) قال : ليخاصموكم (بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) فتكون لهم حجة عليكم (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ) قال : الإسلام (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) قال : القرآن والإسلام. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد : (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) قال : النبوة. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : رحمته الإسلام يختص بها من يشاء.
(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧٦) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٧))
هذا شروع في بيان خيانة اليهود في المال بعد بيان خيانتهم في الدين ، والجار والمجرور في قوله : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) : في محل رفع على الابتداء ، على ما مرّ في قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ) (١) وقد تقدم تفسير القنطار. وقوله : (تَأْمَنْهُ) هذه قراءة الجمهور. وقرأ ابن وثاب ، والأشهب العقيلي : (تيمنه) بكسر
__________________
(١). البقرة : ٨.