ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) قال : التقية باللسان : من حمل على أمر يتكلم به ، وهو معصية لله فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان فإن ذلك لا يضره ، إنما التقية باللسان. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم ، وصححه ، والبيهقي في سننه عنه في الآية قال : التقاة : التكلم باللسان ، والقلب مطمئن بالإيمان ، ولا يبسط يده فيقتل ولا إلى إثم فإنه لا عذر له. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : التقية باللسان ، وليس بالعمل. وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) قال إلا أن يكون بينك وبينه قرابة فتصله لذلك. وأخرج عبد بن حميد ، والبخاري عن الحسن قال : التقية جائزة إلى يوم القيامة. وحكى البخاري عن أبي الدرداء أنه قال : إنا نبش في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم. ويدل على جواز التقية. قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١) ومن القائلين بجواز التقية باللسان : أبو الشعثاء ، والضحاك ، والربيع بن أنس. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله : (قُلْ إِنْ تُخْفُوا) الآية قال : أخبرهم : أنه يعلم ما أسروا وما أعلنوا. وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : محضرا : يقول : موفرا. وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : يسر أحدكم أن لا يلقى عمله ذلك أبدا ، يكون ذلك مناه ، وأما في الدنيا فقد كانت خطيئته يستلذها. وأخرجا أيضا عن السدي : (أَمَداً بَعِيداً) قال : مكانا بعيدا. وأخرج ابن جرير عن ابن جريج أمدا قال : أجلا. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) قال : من رأفته بهم حذرهم نفسه.
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٣٢) إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤))
الحب والمحبة : ميل النفس إلى الشيء ، يقال : أحبّه فهو محبّ ، وحبّه يحبّه بالكسر ، فهو محبوب. قال الجوهري : وهذا شاذ ، لأنه لا يأتي في المضاعف يفعل بالكسر. قال ابن الدهان : في حبّ لغتان : حبّ ، وأحبّ ، وأصل حبّ في هذه الباب : حبب ، كطرق ، وقد فسرت المحبة لله سبحانه بإرادة طاعته. قال الأزهري : محبة العبد لله ورسوله : طاعته لهما واتباعه أمرهما ، ومحبة الله للعباد : إنعامه عليهم بالغفران. وقرأ أبو رجاء العطاردي : (فَاتَّبِعُونِي) بفتح الباء ، وروي عن أبي عمرة بن العلاء أنه أدغم الراء من يغفر في اللام. قال النحاس : لا يجيز الخليل وسيبويه إدغام الراء في اللام ، وأبو عمرة أجلّ من أن يغلط في هذا ، ولعله كان يخفي الحركة كما يفعل في أشياء كثيرة. قوله : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) حذف المتعلق مشعر بالتعميم ، أي : في جميع الأوامر والنواهي. قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) يحتمل أن يكون من تمام مقول القول ،
__________________
(١). النحل : ١٠٦.