«يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله : عبدي عهد إليّ وأنا أحقّ من وفّى بالعهد أدخلوا عبدي الجنّة». وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) قال : بنو إسرائيل. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله : (بَغْياً بَيْنَهُمْ) يقول : بغيا على الدنيا وطلب ملكها وسلطانها ، فقتل بعضهم بعضا على الدنيا من بعد ما كانوا علماء الناس. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : (فَإِنْ حَاجُّوكَ) قال : إن حاجك اليهود والنصارى. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج نحوه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس : (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) قال : اليهود والنصارى (وَالْأُمِّيِّينَ) قال : هم الذين لا يكتبون.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٢) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٥))
قوله : (بِآياتِ اللهِ) ظاهره : عدم الفرق بين آية وآية (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍ) يعني : اليهود قتلوا الأنبياء (وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ) أي : بالعدل. وهم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. قال المبرد : كان ناس من بني إسرائيل جاءهم النبيون ، فدعوهم إلى الله ، فقتلوهم ، فقام أناس من بعدهم من المؤمنين فأمروهم بالإسلام ، فقتلوهم. ففيهم نزلت الآية. وقوله : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) خبر (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ) إلخ ، ودخلته الفاء لتضمن الموصول معنى الشرط ، وذهب بعض أهل النحو : إلى أن الخبر قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) وقالوا إن الفاء لا تدخل في خبر إن وإن تضمن اسمها معنى الشرط ، لأنه قد نسخ بدخول إن عليه ، ومنهم سيبويه ، والأخفش وذهب غيرهما : إلى أن ما يتضمنه المبتدأ من معنى الشرط لا ينسخ بدخول إن عليه ، ومثل المكسورة المفتوحة ، ومنه قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) (١). وقوله : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) قد تقدم تفسير الإحباط ، ومعنى كونها حبطت في الدنيا والآخرة : أنه لم يبق لحسناتهم أثر في الدنيا ، حتى يعاملوا فيها معاملة أهل الحسنات ، بل عوملوا معاملة أهل السيئات ، فلعنوا ، وحل بهم الخزي والصغار ، ولهم في الآخرة عذاب النار. قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) فيه تعجيب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ولكل من تصح منه الرؤية من حال هؤلاء ، وهم : أحبار اليهود. والكتاب : التوراة ، وتنكير النصيب للتعظيم ، أي : نصيبا عظيما ، كما يفيده مقام المبالغة ، ومن قال : إن التنكير للتحقير فلم يصب. فلم ينتفعوا بذلك ، وذلك بأنهم (يُدْعَوْنَ
__________________
(١). الأنفال : ٤١.