تذهب نفسك عليهم حسرات ، والبلاغ : مصدر. وقوله : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) فيه وعد ووعيد ، لتضمنه أنه عالم بجميع أحوالهم.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ) قال : بالعدل. وأخرج أيضا عن ابن عباس مثله. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن قتادة في قوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) قال : الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وهو دين الله الذي شرع لنفسه ، وبعث به رسله ، ودلّ عليه أولياءه ، لا يقبل غيره. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لم يبعث الله رسولا إلا بالإسلام. وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان حول البيت ستون وثلاثمائة صنم ، لكل قبيلة من قبائل العرب صنم أو صنمان ، فأنزل الله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) الآية ، فأصبحت الأصنام كلها قد خرّت سجدا للكعبة. وأخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة ، وأبو منصور الشحامي في الأربعين عن علي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن فاتحة الكتاب ، وآية الكرسي ، والآيتين من آل عمران : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ـ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) و (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) (١) إلى قوله : (بِغَيْرِ حِسابٍ) (٢) هن معلقات بالعرش ما بينهن وبين الله حجاب ، يقلن يا ربّ تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك؟ قال الله : إني حلفت لا يقرؤكن أحد من عبادي دبر كلّ صلاة إلا جعلت الجنّة مأواه على ما كان منه ، وإلا أسكنته حظيرة القدس ، وإلا نظرت إليه بعيني المكنونة كلّ يوم سبعين نظرة ، وإلا قضيت له كلّ يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة ، وإلا أعذته من كلّ عدوّ ونصرته منه» وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا نحوه ، وفيه : «لا يتلو كنّ عبد دبر كل صلاة مكتوبة إلا غفرت له ما كان منه ، وأسكنته جنة الفردوس ، ونظرت إليه كلّ يوم سبعين مرة ، وقضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة». وأخرج أحمد ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن السني عن الزبير بن العوام قال : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بعرفة يقرأ هذه الآية : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فقال : وأنا على ذلك من الشاهدين» ولفظ الطبراني : «وأنا أشهد أن لا إله إلا أنت العزيز الحكيم». وأخرج ابن عدي ، والطبراني في الأوسط ، والبيهقي في شعب الإيمان ، وضعفه ، والخطيب في تاريخه ، وابن النجار عن غالب القطان قال : أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريبا من الأعمش ، فلما كان ليلة أردت أن أنحدر قام فتهجد من الليل فمرّ بهذه الآية (٣) (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إلى قوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) فقال : وأنا أشهد بما شهد به الله ، وأستودع الله هذه الشهادة ؛ وهي لي وديعة عند الله ، قالها مرارا ، فقلت : لقد سمع فيها شيئا فسألته فقال : حدثني أبو وائل عن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
__________________
(١). آل عمران : ٢٦.
(٢). الصواب : الآيتين.