عن سعيد بن جبير نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة قال : هم الذين يشهدون صلاة الصبح. وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن أنس قال : أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نستغفر بالأسحار سبعين مرة. وأخرج ابن جرير ، وأحمد في الزهد عن سعيد الجريري قال : بلغنا أن داود عليهالسلام سأل جبريل فقال : يا جبريل! أي الليل أفضل؟ قال : يا داود! ما أدري إلا أن العرش يهتز في السحر. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ينزل الله تبارك وتعالى في كلّ ليلة إلى سماء الدنيا حتّى يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟».
(شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (٢٠))
قوله : (شَهِدَ اللهُ) أي : بين وأعلم. قال الزجاج : الشاهد : هو الذين يعلم الشيء ويبينه ، فقد دلنا الله على وحدانيته بما خلق وبين ؛ وقال أبو عبيدة : شهد الله بمعنى : قضى ، أي : أعلم. قال ابن عطية : وهذا مردود من جهات ، وقيل : إنها شبهت دلالته على وحدانيته بأفعاله ، ووحيه بشهادة الشاهد في كونها مبينة. وقوله : أنه ، بفتح الهمزة. قال المبرد : أي : بأنه ، ثم حذفت الباء ، كما في : أمرتك الخير ، أي : بالخير. وقرأ ابن عباس : «إنه» بكسر الهمزة ، بتضمين شهد معنى قال. وقرأ أبو المهلب : (شُهَداءَ لِلَّهِ) بالنصب على أنه حال من الصابرين وما بعده ، أو على المدح (وَالْمَلائِكَةُ) عطف على الاسم الشريف ، وشهادتهم : إقرارهم بأنه لا إله إلا الله. وقوله : (وَأُولُوا الْعِلْمِ) معطوف أيضا على ما قبله ، وشهادتهم : بمعنى الإيمان منهم ، وما يقع من البيان للناس على ألسنتهم ، وعلى هذا لا بدّ من حمل الشهادة على معنى يشمل شهادة الله ، وشهادة الملائكة ، وأولي العلم. وقد اختلف في : أولي العلم هؤلاء ، من هم؟ فقيل : هم الأنبياء ؛ وقيل : المهاجرون والأنصار ، قاله ابن كيسان ؛ وقيل : مؤمنو أهل الكتاب ، قاله مقاتل ؛ وقيل : المؤمنون كلهم ، قاله السدي والكلبي ، وهو الحق ، إذ لا وجه للتخصيص. وفي ذلك فضيلة لأهل العلم جليلة ، ومنقبة نبيلة لقرنهم باسمه واسم ملائكته ، والمراد بأولي العلم هنا : علماء الكتاب والسنة ، وما يتوصل به إلى معرفتهما ، إذ لا اعتداد بعلم لا مدخل له في العلم الذي اشتمل عليه الكتاب العزيز والسنة المطهرة. وقوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ) : أي العدل ، أي : قائما بالعدل في جميع أموره أو مقيما له ، وانتصاب قائما : على الحال من الاسم الشريف. قال في الكشاف : إنها حال مؤكدة كقوله : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) (١) وجاز إفراده سبحانه بذلك دون ما هو معطوف عليه من الملائكة وأولي العلم لعدم اللبس ؛ وقيل : إنه منصوب على
__________________
(١). البقرة : ٩١.