وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ) قال : المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ، محكمه ومتشابهه ، ومقدّمه ومؤخره ، وحلاله وحرامه ، وأمثاله. وأخرج ابن مردويه عنه : أنها القرآن ، يعني : تفسيره. وأخرج ابن المنذر عنه : أنها النبوّة. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عنه قال : إنها الفقه في القرآن. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ) قال : قراءة القرآن والفكرة فيه. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : هي : الكتاب والفهم به. وأخرج أيضا عن النخعي نحوه. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد قال : هي : الكتاب ، يؤتي إصابته من يشاء. وأخرج عبد بن حميد عنه قال : هي الإصابة في القول. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : هي الخشية لله. وأخرج أيضا عن مطر الوراق مثله. وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير مثله. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) قال : يحصيه. وقد ثبت عن النبي صلىاللهعليهوسلم في نذر الطاعة والمعصية في الصحيح وغيره ما هو معروف كقوله صلىاللهعليهوسلم : «لا نذر في معصية الله» وقوله : «من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» وقوله : «النذر ما ابتغي به وجه الله» وثبت عنه في كفارة النذر ما هو معروف. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) الآية ، قال : فجعل السرّ في التطوّع يفضل علانيتها سبعين ضعفا ، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا. وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ) الآية ، قال : كان هذا يعمل قبل أن تنزل براءة ، فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ) الآية ، قال : هذا منسوخ. وقوله : (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (١) قال : منسوخ ، نسخ كل صدقة في القرآن الآية التي في سورة التوبة : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) وقد ورد في فضل صدقة السرّ أحاديث صحيحة مرفوعة.
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤))
قوله : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) أي : ليس بواجب عليك أن تجعلهم مهديين ، قابلين لما أمروا به ونهوا عنه (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) هداية توصله إلى المطلوب ، وهذه الجملة معترضة ، وفيها الالتفات ، وسيأتي بيان السبب الذي نزلت لأجله ، والمراد بقوله : (مِنْ خَيْرٍ) كل ما يصدق عليه اسم الخير كائنا
__________________
(١). الذاريات : ١٩.