لكم ويكفر ، وبمثل قول سيبويه قال الخليل. ومن في قوله : (مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) للتبعيض ، أي : شيئا من سيئاتكم. وحكى الطبري عن فرقة أنها زائدة ، وذلك على رأي الأخفش. قال ابن عطية : وذلك منهم خطأ.
وقد أخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) قال : من الذهب والفضة (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) يعني : من الحبّ والثمر وكل شيء عليه زكاة. وأخرج سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله : (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) قال : من التجارة (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) قال : من الثمار. وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والترمذي ، وصححه ، وابن ماجة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والحاكم ، وصححه ، والبيهقي في سننه عن البراء ابن عازب في قوله : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) قال : نزلت فينا معشر الأنصار ، كنا أصحاب نخل وكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته ، وكان الرجل يأتي بالقنو والقنوين فيعلقه في المسجد ، وكان أهل الصفة ليس لهم طعام ، فكان أحدهم إذا جاع أتى القنو فضربه بعصاه فيسقط البسر والتمر فيأكل ، وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والحشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) قال : لو أن أحدكم أهدي إليه مثل ما أعطى لم يأخذه إلا على إغماض وحياء ، قال : فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن الرجل كان يكون له الحائطان فينظر إلى أردئهما تمرا فيتصدق به ويخلط به الحشف فنزلت الآية ، فعاب الله ذلك عليهم ونهاهم عنه. وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : لما أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بصدقة الفطر فجاء رجل بتمر رديء فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم الذي يخرص النخل أن لا يجيز. فأنزل الله تعالى الآية هذه. وأخرج عبد بن حميد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والدارقطني ، والحاكم ، والبيهقي في سننه عن سهل بن حنيف قال : أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالصدقة ، فجاء رجل بكبائس من هذه السخل : يعني : الشيص ، فوضعه ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : من جاء بهذا؟ وكان كل من جاء بشيء نسب إليه ، فنزلت (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) الآية. ونهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن لونين من التمر أن يوجدا في الصدقة : الجعرور ولون الحبيق (١). وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والضياء في المختارة ، عن ابن عباس قال : كان أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يشترون الطعام الرخيص ويتصدقون ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الآية. وأخرج ابن جرير عن عبيدة السلماني قال : سألت علي بن أبي طالب عن قول الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا) الآية ، فقال : نزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة ، كان الرجل يعمد إلى التمر فيصرمه فيعزل الجيد ناحية ، فإذا جاء صاحب الصدقة أعطاه من الرديء. وأخرج ابن جرير ،
__________________
(١). الجعرور : ضرب رديء من التمر يحمل رطبا صغارا لا خير فيه ، والحبيق : نوع من التمر منسوب إلى ابن حبيق