ويقال : أعضل الأمر : إذا اشتد ، وداء عضال : أي : شديد عسير البرء أعيا الأطباء ، وعضل فلان أيّمه : أي : منعها ، يعضلها بالضم والكسر لغتان. قوله : (أَنْ يَنْكِحْنَ) أي : من أن ينكحن ، فمحله الجر عند الخليل ، والنصب عند سيبويه والفراء ؛ وقيل : هو بدل اشتمال من الضمير المنصوب في قوله : (فَلا تَعْضُلُوهُنَ). وقوله : (أَزْواجَهُنَ) إن أريد به المطلقون لهنّ ؛ فهو مجاز باعتبار ما كان ، وإن أريد به من يردن أن يتزوّجنه ؛ فهو مجاز باعتبار ما سيكون ، وقوله : (ذلِكَ) إشارة إلى ما فصل من الأحكام ، وإنما أفرد مع كون المذكور قبله جمعا حملا على معنى الجمع بتأويله بالفريق ونحوه. وقوله : (ذلِكُمْ) محمول على لفظ الجمع ، خالف سبحانه ما بين الإشارتين افتنانا. وقوله : (أَزْكى) أي : أنمى وأنفع (وَأَطْهَرُ) من الأدناس (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما لكم فيه الصلاح (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ذلك.
وقد أخرج البخاري ، وأهل السنن ، وغيرهم عن معقل بن يسار قال : كانت لي أخت فأتاني ابن عم فأنكحتها إياه ، فكانت عنده ما كانت ، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدة ، فهويها وهويته ، ثم خطبها مع الخطاب ، فقلت له : يا لكع أكرمتك بها وزوّجتكها فطلقتها ثم جئت تخطبها ، والله لا ترجع إليك أبدا ؛ وكان رجلا لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فعلم الله حاجته إليها ، وحاجتها إلى بعلها ، فأنزل الله قوله : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) الآية ، قال : ففيّ نزلت الآية ، فكفرت عن يميني ، وأنكحتها إياه. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين ، فتنقضي عدّتها ، ثم يبدو له تزويجها ، وأن يراجعها وتريد المرأة ذلك ، فمنعها وليها من ذلك ، فنهى الله أن يمنعوها. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن السدّي قال : نزلت هذه الآية في جابر بن عبد الله الأنصاري ، كانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة ، وانقضت عدّتها ، فأراد مراجعتها ، فأتى جابر ، فقال : طلقت بنت عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية ، وكانت المرأة تريد زوجها ، فأنزل الله : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ). وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل : (إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) يعني : بمهر وبينة ونكاح مؤتنف (١). وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنكحوا الأيامى ، فقال رجل : يا رسول الله! ما العلائق بينهم؟ قال : ما تراضى عليه أهلهنّ». وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) قال : الله يعلم من حبّ كل واحد منهما لصاحبه ما لا تعلم أنت أيها الوليّ.
(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما
__________________
(١). أي : نكاح مستأنف جديد.