المسلمين ، طلّقوا المرأة في قبل عدّتها (١)». وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت قال : كان الرجل على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول للرجل : زوّجتك ابنتي ، ثم يقول كنت لاعبا ، ويقول : قد أعتقت ، ويقول : كنت لاعبا ، فأنزل الله سبحانه : (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً) فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاث من قالهنّ لاعبا أو غير لاعب فهنّ جائزات عليه : الطّلاق ؛ والنّكاح ، والعتاق». وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كان الرجل يطلق ثم يقول : لعبت ؛ ويعتق ثم يقول : لعبت ؛ فأنزل الله : (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً) فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من طلق أو أعتق فقال لعبت فليس قوله بشيء ، يقع عليه فيلزمه». وأخرج ابن مردويه أيضا عن ابن عباس قال : طلق رجل امرأته وهو يلعب ، لا يريد الطلاق ، فأنزل الله : (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً) فألزمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم الطلاق. وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن الحسن مرفوعا نحو حديث عبادة. وأخرج أبو داود ، والترمذي ، وحسنه ، وابن ماجة ، والحاكم ، وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاث جدّهنّ جدّ وهزلهنّ جدّ : النّكاح ، والطّلاق ، والرّجعة».
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢٣٢))
الخطاب في هذه الآية بقوله : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ) وبقوله : (فَلا تَعْضُلُوهُنَ) إما أن يكون للأزواج ، ويكون معنى العضل منهم : أن يمنعوهن من أن يتزوجن من أردن من الأزواج بعد انقضاء عدّتهنّ لحمية الجاهلية ، كما يقع كثيرا من الخلفاء والسلاطين غيرة على من كنّ تحتهم من النساء أن يصرن تحت غيرهم ، لأنهم لما نالوه من رئاسة الدنيا ؛ وما صاروا فيه من النخوة والكبرياء ؛ يتخيلون أنهم قد خرجوا من جنس بني آدم ، إلا من عصمه الله منهم بالورع والتواضع ؛ وإما أن يكون الخطاب للأولياء ، ويكون معنى إسناد الطلاق إليهم : أنهم سبب له لكونهم المزوّجين للنساء المطلقات من الأزواج المطلقين لهنّ. وبلوغ الأجل المذكور هنا ، المراد به : المعنى الحقيقي ، أي : نهايته لا كما سبق في الآية الأولى. والعضل : الحبس. وحكى الخليل : دجاجة معضلة : قد احتبس بيضها ؛ وقيل : العضل : التضييق والمنع ، وهو راجع إلى معنى الحبس ، يقال : أردت أمرا فعضلتني عنه ، أي : منعتني وضيقت عليّ ، وأعضل الأمر : إذا ضاقت عليك فيه الحيل. وقال الأزهري : أصل العضل : من قولهم عضلت الناقة : إذا نشب ولدها فلم يسهل خروجه ، وعضلت الدجاجة : نشب بيضها ، وكل مشكل عند العرب معضل ، ومنه قول الشافعي رحمهالله :
إذا المعضلات تصدّين لي |
|
كشفت خفاء لها بالنّظر |
__________________
(١). وفي رواية : في قبل طهرهنّ ، أي : في إقباله وأوله وحين يمكنها الدخول في العدة والشروع فيها ، فتكون لها محسوبة ، وذلك في حالة الطهر ، النهاية (٤ / ٩)