ورجب ، ثلاثة سرد وواحد فرد. وقوله : (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) مبتدأ. وقوله : (وَكُفْرٌ بِهِ) معطوف على صدّ. وقوله : (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عطف على سبيل الله. وقوله : (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ) معطوف أيضا على صدّ. وقوله : (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) خبر صدّ وما عطف عليه ، أي : الصدّ عن سبيل الله ، والكفر به ، والصدّ عن المسجد الحرام ، وإخراج أهل الحرم منه : (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) أي : أعظم إثما ، وأشدّ ذنبا من القتال في الشهر الحرام ، كذا قال المبرد وغيره ، والضمير في قوله : (وَكُفْرٌ بِهِ) يعود إلى الله ، وقيل : يعود إلى الحج. وقال الفراء : إن قوله : (وَصَدٌّ) عطف على كبير ، والمسجد : عطف على الضمير في قوله : (وَكُفْرٌ بِهِ) فيكون الكلام منتسقا ، متصلا غير منفصل. قال ابن عطية : وذلك خطأ ، لأن المعنى يسوق إلى أن قوله : (وَكُفْرٌ بِهِ) أي : بالله ، عطف أيضا على كبير ، ويجيء من ذلك : أن إخراج أهل المسجد منه أكبر من الكفر بالله ، وهذا بين فساده. ومعنى الآية على القول الأوّل الذي ذهب إليه الجمهور : أنكم يا كفار قريش تستعظمون علينا القتال في الشهر الحرام ، وما تفعلون أنتم من الصدّ عن سبيل الله لمن أراد الإسلام ، ومن الكفر بالله ، ومن الصدّ عن المسجد الحرام ، ومن إخراج أهل الحرم منه ، أكبر جرما عند الله. والسبب يشهد لهذا؟؟؟ ، ويفيد أنه المراد ، كما سيأتي بيانه ، فإن السؤال منهم المذكور في هذه الآية هو سؤال إنكار لما وقع من السرية التي بعثها النبيّ صلىاللهعليهوسلم. والمراد بالفتنة هنا : الكفر ، أي : كفركم أكبر من القتل الواقع من السرية التي بعثها النبي صلىاللهعليهوسلم وقيل : المراد بالفتنة : الإخراج لأهل الحرم منه ؛ وقيل : المراد بالفتنة هنا : فتنتهم عن دينهم حتى يهلكوا ، أي : فتنة المستضعفين من المؤمنين ، أو نفس الفتنة التي الكفار عليها. وهذا أرجح من الوجهين الأوّلين ، لأن الكفر والإخراج قد سبق ذكرهما ، وأنهما مع الصدّ أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام. وقوله : (وَلا يَزالُونَ) ابتداء كلام ؛ يتضمن الإخبار من الله عزوجل للمؤمنين ؛ بأن هؤلاء الكفار لا يزالون مستمرين على قتالكم ؛ وعداوتكم حتى يردوكم عن الإسلام إلى الكفر إن استطاعوا ذلك ؛ وتهيّأ لهم منكم ، والتقيد بهذا الشرط مشعر باستبعاد تمكنهم من ذلك ، وقدرتهم عليه ، ثم حذّر الله سبحانه المؤمنين من الاغترار بالكفار ، والدخول فيما يريدونه من ردّهم عن دينهم الذي هو الغاية لما يريدونه من المقاتلة للمؤمنين فقال : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) إلى آخر الآية ، والردة : الرجوع عن الإسلام إلى الكفر ، والتقييد بقوله : (فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ) يفيد أن عمل من ارتد إنما يبطل إذا مات على الكفر. وحبط : معناه بطل وفسد ، ومنه : الحبط ، وهو فساد يلحق المواشي في بطونها من كثرة أكلها للكلأ ؛ فتنتفخ أجوافها ، وربما تموت من ذلك ؛ وفي هذه الآية تهديد للمسلمين ليثبتوا على دين الإسلام. ومعنى قوله : (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أنه لا يبقى له حكم المسلمين في الدنيا ، فلا يأخذ شيئا مما يستحقه المسلمون ، ولا يظفر بحظ من حظوظ الإسلام ، ولا ينال شيئا من ثواب الآخرة الذي يوجبه الإسلام ويستحقه أهله. وقد اختلف أهل العلم في الردّة : هل تحبط العمل بمجردها؟ أم لا تحبط إلا بالموت على الكفر ، والواجب حمل ما أطلقته الآيات في غير هذا الموضع على ما في هذه الآية من التقييد. وقد تقدم الكلام في معنى الخلود. قوله : (هاجَرُوا) الهجرة معناها الانتقال من موضع إلى